الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا} (98)

ثم قال ذو القرنين لما رأى الردم لا يقدر عليه من فوقه ولا من أسفله : هذا الفعل { رحمة من ربي }{[43658]} رحم بها من دون الردم من الناس { فإذا جاء وعد ربي } [ 94 ] أي الوقت .

الذي وعده فيه أن يأجوج يخرجون { جعله دكا } [ 94 ] أي سواه بالأرض{[43659]} .

من نونه{[43660]} جعله على معنى مدكوكا . ومن مده{[43661]} جعله{[43662]} بقعة{[43663]} دكاء وأرضا دكاء ، من قولهم : ناقة دكاء ، مستوية الظهر لا سنام لها{[43664]} .

وقيل المعنى : فإذا جاء يوم القيامة جعله دكا ودل على هذا قوله { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة }{[43665]} .

وقوله : { جعله } الهاء تعود على ما بين الجبلين وخروج يأجوج ومأجوج بعد نزول عيسى وبعد ظهور الدجال . يدل على ذلك أن ابن مسعود قال : قال : النبي صلى الله عليه وسلم " لقيت ليلة الإسراء إبراهيم وموسى وعيسى صلى عليهم فتذاكروا أمر الساعة وردوا الأمر{[43666]} إلى إبراهيم فقال : إبراهيم : لا علم لي بها ، فردوا الأمر إلى موسى : فقال : موسى : لا علم لي بها ، فردوا الأمر إلى عيسى فقال : عيسى : أما قيام الساعة فلا يعلمه أحد ، إلا الله تعالى ، ولكن ربي قد عهد إلى ما هو كائن دون مجيئها . عهد إلى أن الدجال خارج وأنه سيهبطني إليه . فإذا رآني أهلكه الله فيذوب كما يذوب الرصاص . حتى أن الحجر والشجر{[43667]} لتقول يا مسلم هذا كافر فاقتله . فيهلكهم الله ويرجع الناس إلى بلادهم وأوطانه . فيستقبلهم يأجوج مأجوج من كل حدب ينسلون لا يأتون على شيء إلا/ أهلكوه . ولا يمرون على ماء إلا شربوه ، فيرجع الناس إلي ، فادعوا الله عليهم . فيميتهم ويتغير الأرض من نتن ريحهم فينزل المطر فيجر{[43668]} أجسامهم فيلقيهم في البحر ثم تنسف الجبال حتى تكون{[43669]} الأرض كالأديم . فعهد إلي ربي أن ذلك ، إذا كان كذلك ، فإن الساعة منه كالحامل المتمم . والتي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا{[43670]} " .

وقوله : { وكان وعد ربي حقا } [ 94 ] .

أي : وعد ربي الذي وعد خلقه في دك هذا الردم وخروج هؤلاء [ القوم{[43671]} ] على الناس وغير ذلك من مواعيده حقا لا خلف في شيء منها{[43672]} .


[43658]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 16/26.
[43659]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 16/27.
[43660]:أي نون "دكا" وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع وابن عامر ورواية عن عاصم انظر السبعة 402، والحجة 435، والكشف 1/475 و 2/81، والتيسير 146 وتحبير التيسير 140.
[43661]:أي قرأ: "دكاء" وهي قراءة حمزة والكسائي ورواية عن عاصم، انظر نفس المصادر والصفحات السابقة.
[43662]:ق: "جعله جعله".
[43663]:ق: "يقعة".
[43664]:انظر غريب القرآن 271، و جامع البيان 16/27، وإعراب النحاس 2/475 والكشف 1/475.
[43665]:الحاقة آية 14.
[43666]:ق: "إلى الأمر".
[43667]:ق: "والصخر".
[43668]:ق: "القطر فيخر".
[43669]:ق: فيكون.
[43670]:الحديث أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب الفتن رقم 4081 والحاكم في المستدرك 2/448، وانظره في جامع البيان 16/27.
[43671]:ساقط من ق، وهي زيادة من جامع البيان.
[43672]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 16/28.