تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا} (98)

الآية 98 : وقوله تعالى : { قال هذا رحمة من ربي } يحتمل أن ( يكون ) {[11835]} السد الذي بنى ، وحال بينهم وبين يأجوج ومأجوج{[11836]} ، منه رحمة ، أي برحمته كانت تلك الحيلولة ، أي{[11837]} كان ذلك منة ونعمة{[11838]} من الله ، والرحمة هي النعمة ؛ أي هذا السد بينكم وبينهم نعمة من ربي عليكم . ثم فيه وجهان :

أحدهما : ذكر أن ذلك كان برحمة من الله ، إذا فرغ منه ، وقد كان في الابتداء حين سألوه أن يجعل لهم السد أضاف الفعل إلى نفسه حين{[11839]} قال : { فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما } فدل ذلك أن ما فعل برحمة منه وفضل ، وأن له في ذلك صنعا .

والثاني : فيه أن له أن يفعل بالخلق ما ليس هو بأصلح لهم في الدين ، لأنه لا يخلوا : إما أن كان الأول لهم أصلح في الدين ، ثم فعل الثاني : ( فلا يكون الثاني : أصلح لهم في الدين ، وإما{[11840]} أن كان الأصلح ){[11841]} لهم في الدين الثاني : فالأول لم يكن . ثم ذكر أن ذلك رحمة منه .

وقوله تعالى : { فإذا جاء وعد ربي } أي { فإذا جاء وعد ربي } وهو الموعود ، لأن الوعد لا يجيء ؛ فكأنه قال : موعود ربي ، وهو خرج يأجوج ومأجوج ، أو فتح ذلك السد { جعله دكاء } أي كسرا أو هدما على ما ذكرنا . ( وقوله ){[11842]} { جعله دكاء } أي هدمه ، وسواه بالأرض .

وقال القتبي : { جعله دكاء } أي ألصقه بالأرض .

وقوله تعالى : { وكان وعد ربي حقا } هذا وعد ، والأول موعود .


[11835]:ساقطة من الأصل و م.
[11836]:أدرج بعدها في الأصل و م: فذلك.
[11837]:في الأصل و م: أو.
[11838]:الواو ساقطة من الأصل و م.
[11839]:في الأصل و م: حيث.
[11840]:في م: أو.
[11841]:من م، في الأصل: أصلح.
[11842]:ساقطة من الأصل و م.