الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا} (96)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ، عن عبد الله بن عوف : إنه لما هاجر إلى المدينة ؛ وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، فأنزل الله { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً } .

وأخرج ابن مردويه والديلمي ، عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ : «قل : اللهم اجعل لي عندك عهداً ، واجعل لي عندك ودّاً ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة ، فأنزل الله { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } قال : فنزلت في علي .

وأخرج الطبراني وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } قال : محبة في قلوب المؤمنين .

وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه ، عن علي قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : { سيجعل لهم الرحمن وداً } ما هو ؟ قال : المحبة ، في قلوب المؤمنين ، والملائكة المقربين . يا علي ، إن الله أعطى المؤمن ثلاثاً . المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين » .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : { سيجعل لهم الرحمن وداً } قال : محبة في الناس في الدنيا .

وأخرج هناد ، عن الضحاك { سيجعل لهم الرحمن وداً } قال : محبة في صدور المؤمنين .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس { سيجعل لهم الرحمن وداً } قال : يحبهم ويحبونه .

وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أحب الله عبداً ، نادى جبريل : إني قد أحببت فلاناً ، فأحبه . فينادي في السماء ، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ، فذلك قول الله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } وإذا أبغض الله عبداً ، نادى جبريل : إني قد أبغضت فلاناً ، فينادي في أهل السماء ، ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض » .

وأخرج ابن مردويه ، عن ثوبان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : «إن العبد ليلتمس مرضاة الله ، فلا يزال كذلك ، فيقول الله لجبريل : إن عبدي فلاناً يلتمس أن يرضيني ، فرضائي عليه ، فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ، ويقوله حملة العرش ، ويقوله الذين يلونهم ، حتى يقوله : أهل السماوات السبع ، ثم يهبط إلى الأرض » قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } «وإن العبد ليلتمس سخط الله ، فيقول الله : يا جبريل ، إن فلاناً يسخطني ، ألا وإن غضبي عليه ؛ فيقول جبريل : غضب الله على فلان ، ويقوله حملة العرش ، ويقوله من دونهم ، حتى يقوله أهل السماوات السبع ، ثم يهبط إلى الأرض » .

وأخرج عبد بن حميد ، عن كعب قال : أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض ، حتى تكون بدؤها من الله تعالى ؛ ينزلها على أهل الأرض ، ثم قرأت القرآن فوجدت فيه { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، عن ابن عباس بسند ضعيف : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين » ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً } .

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله ، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده ، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله ، فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده .

وأخرج الحكيم الترمذي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لكل عبد صيت ، فإن كان صالحاً وضع في الأرض ، وإن كان سيئاً وضع في الأرض » .

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن المقة من الله ، والصيت في السماء ، فإذا أحب الله عبداً قال لجبريل : إني أحب فلاناً ، فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلاناً فأحبوه ، فتنزل له المحبة في الأرض ، وإذا أبغض عبداً قال لجبريل : إني أبغض فلاناً ، فأبغضه ، فينادي جبريل : إن ربكم يبغض فلاناً فابغضوه ، فيجري له البغض في الأرض » .