الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (27)

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } قال : قريظة ، والنضير أهل الكتاب { وأرضاً لم تطئوها } قال : خيبر . فتحت بعد قريظة .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وأرضاً لم تطئوها } قال : كنا نحدث أنها مكة ، وقال الحسن رضي الله عنه : هي أرض الروم وفارس ، وما فتح عليهم .

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { وأرضاً لم تطئوها } قال : يزعمون أنها خيبر ، ولا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله على المسلمين ، أو هو فاتحها إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن سعد عن سعيد بن جبير قال : كان يوم الخندق بالمدينة فجاء أبو سفيان بن حرب ومن تبعه من قريش ، ومن تبعه من كنانة ، وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان ، وطليحة ومن تبعه من بني أسد ، وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم وقريظة ، كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنقضوا ذلك ، وظاهروا المشركين ، فأنزل الله فيهم { وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم } فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح ، فقال حين سرى جبريل عليه السلام : ألا أبشروا ثلاثاً .

فأرسل الله عليهم ، فهتكت القباب ، وكفأت القدور ، ودفنت الرجال ، وقطعت الأوتاد ، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد ، فأنزل الله { إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها } .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : «خرجت يوم الخندق أقفو الناس فإذا أنا بسعد بن معاذ ورماه رجل من قريش يقال له ابن العرقة بسهم ، فأصاب أكحله ، فقطعه ، فدعا الله سعد ، فقال : اللهم لا تمتني حتى تقرعيني من قريظة ، وبعث الله الريح على المشركين { وكفى الله المؤمنين القتال } ولحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وأمر بقبة من أدم ، فضربت على سعد رضي الله عنه في المسجد قالت : فجاء جبريل عليه السلام - وإن على ثناياه نقع الغبار - فقال : أو قد وضعت السلاح لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد ، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم ، فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لامته ، وأذن في الناس بالرحيل : أن يخرجوا ، فأتاهم فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة ، فلما اشتد حصرهم ، واشتد البلاء عليهم فقيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ ، فأتي به على حمار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احكم فيهم فقال : إني أحكم فيهم ؛ أن تقتل مقاتليهم ، وتسبى ذراريهم ، وتقسم أموالهم ، قال : فلقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله » .

وأخرج البيهقي عن موسى بن عقبة رضي الله عنه قال : أنزل الله في قصة الخندق ، وبني قريظة تسعاً وعشرين آية فاتحتها { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } والله تعالى أعلم .