اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (27)

{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَئُوهَا } بعد ؛ قال ابن زيد ومقاتل يعني خيبر{[43401]} وقال قتادة{[43402]} . كنا نحدث أنها مكة ، وقال الحسن{[43403]} : فارس والروم وقيل : القلاع وقال عكرمة{[43404]} : كل أرض تفتح إلى يوم القيامة .

قوله : «لم تَطَئُوها » الجملة صفة «لأرضاً »{[43405]} والعامة على همزة مضمومة ثم واو ساكنة ، وزيد بن علي «تَطَوْهَا » بواو بعد طاء مفتوحة{[43406]} ووجهها أنها كبدلِ الهمزة ألفاً على الإسناد كقوله :

4082 - إنَّ الأُسُودَ لَتُهْدَى في مَرَابِضِهَا *** . . . . . . . . . . . . {[43407]}

فلما أسنده{[43408]} للواء التقى ساكنان محذوف أولهما نحو «لم تَرَوْهَا » وهذا أحسن من أن تقول ثم أجرى الألف المبدلة من الهمزة مجرى الألف المتأصلة فحذفها جزماً لأن الأحسن هناك أن لا يحذف اعتداداً بأصلها{[43409]} ، واستشهد بعضهم على الحذف بقول زهير :

4083 - جَرِيء مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بظُلْمِهِ *** سَرِيعاً وإِلا يُبْدَ بالظُّلْمِ يَظْلِم{[43410]}

قوله : { وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } هذا يؤكد قول من قال : إن المراد من قوله { وأرضاً لم تطؤوها } ما يؤخذ{[43411]} بعد من بني قريظة لأن الله تعالى لما ملكهم تلك البلاء ووعدهم بغيرها دفع استبعاد{[43412]} من لا يكون قوي الاتكال على الله تعالى وقال أليس الله ملككم هذه فهو على كل شيء قدير يملككم غيرها ، روى أبو هريرة - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : «لا إله إلا الله وحده ، أعزَّ جنده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحدَه ، فلا شيء بعده »{[43413]} .


[43401]:في القرطبي نسب هذا الرأي إلى هؤلاء على أنها "حنين" 14/161. وما في زاد المسير 6/375 يوافق ما قاله المؤلف.
[43402]:المرجعان السابقان.
[43403]:المرجعان السابقان.
[43404]:المرجعان السابقان.
[43405]:قاله السمين 4/380.
[43406]:هذه قراءة عشرية متواترة أوردها البناء في الإتحاف 354 وأبو حيان في البحر 7/225 وهو وجه شاذ كما سيتبين بعد.
[43407]:هذا صدر البيت من البسيط لابن هرمة، وعجزه:............ *** والناس لا يهتدى من شرهم أبدا والبيت في ذم حال الناس وقد رواه ابن منظور في اللسان: إن السباع لتهدا عن فرائسها *** والناس ليس بهاد شرهم أبدا وشاهده تخفيف الهمزة في "هدأ" تخفيفاً على غير قياس لأنها مفردة متحركة وقبلها متحرك والتخفيف بقلبها ألفاً محضة إنما هو غير قياس ويؤخذ سماعاً فالقياس أن تكون بين بين. وانظر: الخصائص 3/152 واللسان "هـ د أ" 4628 والبحر المحيط 7/225 والممتع لابن عصفور 382 والدر المصون 7/380، والتاج "هـ د أ".
[43408]:وهو الفعل "وطئ" قال في اللسان وَطِئَ الشيء يَطَؤُهُ وَطْئاً داسَهُ قال سيبويه: أما وَطئ يَطَأ فمِثل وَرِمَ يَرِمُ ولكنهم فتحوا يفعل وأصله الكسر. اللسان: "وطأ" 4862.
[43409]:قاله السمين في الدر 4/381.
[43410]:من الطويل له في مدح الحسين بن ضمضم وشاهده: "يبد" حيث حذف الألف المنقلبة عن الهمزة فهي "يبدأ" وعاملها كالألف المتأصلة وحذفها للجزم وحري بالقول أن الفعل مجزوم لأنه وقع بعد فعل شرط وقد يقال عن ذلك: إن الهمزة حذفت بحركتها للوزن الشعري. على أنه ورد عن الأنصار: بَديتُ بالشيء أي قدمته فهذا منه. وقد تقدم.
[43411]:في "ب" سيؤخذ.
[43412]:في "ب" استبطان.
[43413]:الحديث تقدم.