الآية 27 [ وقوله تعالى ]( {[16575]} ) : { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها } أي لم تملكوها . اختلف في قوله : { وأرضا لم تطئوها } قال بعضهم : هي أرض مكة . وقال بعضهم : هي أرض الشام وقراها . وقال بعضهم : هي أرض خيبر ، أي سيورثكم الله إياها أيضا . فأما أرض مكة فقد فتحها ، وتركها في أيدي أهلها . وكذلك بلاد الشام وقراها .
وعن الحسن : هي أرض الروم وفارس وما فتح الله عليهم . وأما خبير فقد فتحها ، وقسمها( {[16576]} ) بين ما ذكرنا ، وجعلها فيئا .
فهو أشبه من غيره ؛ ففيه أن من يخلف على( {[16577]} ) ملك غيره وقفا( {[16578]} ) ، ملكه الآخر ، وانتقل إليه ، يسمى وارثا بموت أو بغيره حين قال : { وأورثكم أرضهم } الآية ، وكذلك ما قال : { وأورثنا الأرض } [ الزمر : 74 ] . إلى كذا ، وقوله : { يرثون الفردوس } [ المؤمنون : 11 ] أي( {[16579]} ) يبقون فيه ، ونحوه ، وكقوله : { ولله ميراث السماوات والأرض } [ آل عمران : 180 ] أي يبقى ملك السماوات والأرض ، أي لا ينازع فيه ، وكذلك يخرّج قوله : { إنا نحن نرث الأرض } [ مريم : 40 ] أي نبقى فيها ، والخلائق يفنون .
ثم الفائدة في ذكر هذا وأمثاله لنا ، إذ هم قد شاهدوها ، وعاينوها ، تخرّج على وجوه :
أحدها : تعريف للآخر هذه الأمة أن أوائلهم [ قاسوا ما قاسوا ، وتحمّلوا ]( {[16580]} ) ما تحمّلوا من الشدائد والبلايا في أمر هذا الدين حتى بلغ هذا المبلغ ، فنجتهد نحن كما اجتهد أولئك في حفظ هذا الدين وفي أمره .
والثاني : أمرهم بالتأهب للعدو( {[16581]} ) حتى أمروا بالخندق والتحصن بأشياء ، ثم جاءهم الغوث من الله بغير الذي أمروا ليكونوا أبدا متأهبين مستعدين لذلك ، ولا يرجون النصر والظفر من ذلك [ إلا ]( {[16582]} ) بفضل الله . ونصره على ما أخبره : { في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا } الآية [ التوبة : 25 ] .
والثالث : ألا يؤيسهم خروج أنفسهم من إيذائهم وإحاطة العدو بهم وكونهم في أيديهم من روح الله ورحمته وغوثه إياهم ، لأن الخوف بلغ بهم المبلغ الذي ذكر حين قال : { وبلغت القلوب الحناجر } إلى قوله : { وزلزلوا زلزالا شديدا } [ الأحزاب : 10 و11 ] .
وفيه دلالة لإثبات الرسالة لرسول الله لأنه وعدهم النصر ، فكان على ما وعد ليعرفوا صدقه( {[16583]} ) في كل ما يخبر ، ويعد .
[ وقوله تعالى ]( {[16584]} ) : { وكان الله على كل شيء } أراد من فتح أو نصر أو غيره { قديرا } .
وقال القتبي وأبو عوسجة : { قضى نحبه } [ الأحزاب : 23 ] أي قتل ، وقضى أجله . وأصل النحب النذر . كان قوم( {[16585]} ) نذروا ، إن لقوا العدو( {[16586]} ) ، أن يقاتلوا أو حتى يقتلوا أو يفتح الله ، فقتلوا .
وقوله : { من صياصيهم } [ الأحزاب : 26 ] حصونهم . وأصل الصياصي : قرون البقر لأنها تمتنع بها ، وتدفع عن أنفسها . فقيل للحصون : صياص لأنها تمنع ، والواحدة الصِّيصِيَّة ، وصِيصِيَّة الديك عرفه ، والصيصية خف صغير يحوك به الحائك ، وجمع ذلك كله صياص ، والأحزاب الفرق ، واحدها : حزب . ويقال : حزبت القوم أي جمعتهم ، وحزبتهم ، أي فرقتهم ، وتحزب القوم إذا اجتمعوا ، وصاروا حزبا حزبا ، وتقول : هؤلاء حزبي أي أصحابي وشيعتي ، وتقول : حازبني محازبة أي صاحبني مصاحبة .
وقوله : { بادون في الأعراب } أي أن يكونوا في البادية { يودوا } أن يكونوا في البادية مع الأعراب .
وقوله تعالى : { وأرضا لم تطئوها } هي( {[16587]} ) ما يظهر عليها( {[16588]} ) المسلمون إلى يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.