محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (27)

{ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ } حصونهم { وَأَمْوَالَهُمْ } أي نقوذهم وأثاثهم ومواشيهم { وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا } أي أرضا لم تقبضوها بعد ، يعني خيبر ، وقيل مكة . رواه مالك عن زيد بن أسلم . وقيل : فارس والروم ، وقال {[6145]} : ابن جرير : يجوز أن يكون الجميع مرادا . قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم . وبتمام هذه الغزوة أراح الله المسلمين من شر مجاورة اليهود الذين تعودوا الغدر والخيانة ، ولم يبق إلا بقية من كبارهم بخيبر مع أهلها ، وهم الذين كانوا السبب في إثارة الأحزاب . قال بعضهم : يا الله ! ما أسوأ عاقبة الطيش ! فقد تكون الأمة مرتاحة البال هادئة الخواطر ، حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر يظنون من ورائه النجاح . فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم . وهذا ما حصل لليهود في الحجاز . فقد كان بينهم وبين المسلمين عهود يأمن بها كل منهم الآخر . ولكن اليهود لم يوفوا بتلك العهود حسدا منهم وبغيا . فتم عليهم ما تم . سنة الله في المفسدين . فإن الله لا يصلح أعمالهم { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } أي وقد شاهدتم بعض مقدوراته فاعتبروا بغيرها .


[6145]:انظر الصفحة 155 من الجزء الحادي والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).