البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (27)

{ وأورثكم } : فيه إشعار أنه انتقل إليهم ذلك بعد موت أولئك المقتولين ومن نقلهم من أرضهم ، وقدمت لكثرة المنفعة بها من النخل والزرع ، ولأنهم باستيلائهم عليها ثانياً وأموالهم ليستعان بها في قوة المسلمين للجهاد ، ولأنها كانت في بيوتهم ، فوقع الاستيلاء عليها ثالثاً .

{ وأرضاً لم تطؤها } : وعد صادق في فتح البلاد ، كالعراق والشام واليمن ومكة ، وسائر فتوح المسلمين .

وقال عكرمة : أخبر تعالى أن قد قضى بذلك .

وقال الحسن : أراد الروم وفارس .

وقال قتادة : كنا نتحدث أنها مكة .

وقال مقاتل ، ويزيد بن رومان ، وابن زيد : هي خيبر ؛ وقيل : اليمن ؛ ولا وجه لهذه التخصيصات ، ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم .

وقرأ الجمهور : تطؤوها ، بهمزة مضمومة بعدها واو .

وقرأ زيد بن علي : لم تطوها ، بحذف الهمزة ، أبدل همزة تطأ ألفاً على حد قوله :

إن السباع لتهدا في مرابضها *** والناس لا يهتدى من شرهم أبدا

فالتقت ساكنة مع الواو فحذفت ، كقولك : لم تروها .

وختم تعالى : هذه الآية بقدرته على كل شيء ، فلا يعجزه شيء ، وكان في ذلك إشارة إلى فتحه على المسلمين الفتوح الكثيرة ، وأنه لا يستبعد ذلك ، فكما ملكهم هذه ، فكذلك هو قادر على أن يملكهم غيرها من البلاد .