تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (63)

وقوله تعالى : ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ) بالدين الذي اجتمعوا عليه كقوله : ( إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار )[ آل عمران : 103 ] أخبر أنهم كانوا أعداء ما داموا في الكفر ، فلما أسلموا صاروا إخوانا .

ولكن عندنا الإسلام يوجب التأليف والاجتماع بينهم[ في الأصل وم : بينهما ] ، ولكن يجوز ألا يوجد التأليف ، وإن أوجد[ في الأصل وم : وجد ] ، ليعلم أن الله هو الذي يؤلف بينهم بلطفه وفضله بقوله : ( ولكن الله ألف بينهم ) وقد يجوز أن يكون ما ذكر من تأليف القلوب ، يكون مرة بالدين ومرة باللطف من الله . فإن كان الخلاف والعداوة بينهم بسبب الدين فإنه إذا وجد الوفاق ارتفع الخلاف والعداوة ، وإذا كان للأطماع فهو يرتفع باللطف من الله ( إله عزيز حكيم ) ( عزيز ) لا يعجزه شيء ( حكيم ) في أمره وحكمه .