فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (80)

{ وَقَالُوا } أي : اليهود { لَن تَمَسَّنَا النار } الآية . وقد اختلف في سبب نزول الآية كما سيأتي بيانه . والمراد بقوله : { قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ الله عَهْدًا } الإنكار عليهم لما صدر منهم من هذه الدعوى الباطلة أنها لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة : أي : لم يتقدّم لكم مع الله عهداً بهذا ، ولا أسلفتم من الأعمال الصالحة ما يصدق هذه الدعوى حتى يتعين الوفاء بذلك ، وعدم إخلاف العهد ، أي : إن اتخذتم عند الله عهداً ، فلن يخلف الله عهده { أم تقولون على الله ما لا تعلمون } . قال في الكشاف ، " و«أم » إما أن تكون معادلة بمعنى ، أيّ الأمرين كائن على سبيل التقرير ؛ لأن العلم واقع بكون أحدهما ، ويجوز أن تكون منقطعة " . انتهى . وهذا توبيخ لهم شديد . قال الرازي في تفسيره : العهد في هذا الموضع يجري مجرى الوعد ، وإنما سمي خبره سبحانه عهداً ؛ لأن خبره أوكد من العهود المؤكدة .

/خ81