فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالُواْ لَن نُّؤۡثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَاۖ فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ إِنَّمَا تَقۡضِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَآ} (72)

{ قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ على مَا جَاءنَا مِنَ البينات } أي لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات الواضحة من عند الله سبحانه كاليد والعصا . وقيل : إنهم أرادوا بالبينات ما رأوه في سجودهم من المنازل المعدّة لهم في الجنة { والذي فَطَرَنَا } معطوف على { ما جاءنا } أي لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات وعلى الذي فطرنا ، أي خلقنا . وقيل هو قسم ، أي والله الذي فطرنا لن نؤثرك ، أو لا نؤثرك ، وهذان الوجهان في تفسير الآية ذكرهما الفراء والزجاج { فاقضي مَا أَنتَ قَاضٍ } هذا جواب منهم لفرعون لما قال لهم : { لأقطعنّ } الخ ، والمعنى : فاصنع ما أنت صانع ، واحكم ما أنت حاكم ، والتقدير : ما أنت صانعه { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } أي إنما سلطانك علينا ونفوذ أمرك فينا في هذه الدنيا ولا سبيل لك علينا فيما بعدها ، فاسم الإشارة في محل نصب على الظرفية أو على المفعولية و«ما » كافة ، وأجاز الفراء الرفع على أن تجعل ما بمعنى الذي ، أي أن الذي تقضيه هذه الحياة الدنيا فقضاؤك وحكمك منحصر في ذلك .

/خ76