قوله : { وَمِنَ الناس مَن يجادل فِي الله } أي في شأن الله ، كقول من قال : إن الملائكة بنات الله ، والمسيح ابن الله ، وعزير ابن الله . قيل : نزلت في النضر بن الحارث . وقيل : في أبي جهل . وقيل : هي عامة لكل من يتصدى لإضلال الناس وإغوائهم ، وعلى كل حال فالاعتبار بما يدلّ عليه اللفظ وإن كان السبب خاصاً . ومعنى اللفظ : ومن الناس فريق يجادل في الله ، فيدخل في ذلك كل مجادل في ذات الله ، أو صفاته أو شرائعه الواضحة ، و{ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في محل نصب على الحال ، أي كائناً بغير علم . قيل : والمراد بالعلم هو : العلم الضروري ، وبالهدى هو العلم النظري الاستدلالي . والأولى حمل العلم على العموم ، وحمل الهدى على معناه اللغوي ، وهو : الإرشاد . والمراد بالكتاب المنير هو : القرآن ، والمنير : النير البين الحجة الواضح البرهان ، وهو وإن دخل تحت قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } فإفراده بالذكر كإفراد جبريل بالذكر عند ذكر الملائكة ، وذلك لكونه الفرد الكامل الفائق على غيره من أفراد العلم . وأما من حمل العلم على الضروري والهدى على الاستدلالي ، فقد حمل الكتاب هنا على الدليل السمعي ، فتكون الآية متضمنة لنفي الدليل العقلي ضرورياً كان أو استدلالياً ، ومتضمنة لنفي الدليل النقلي بأقسامه ، وما ذكرناه أولى . قيل : والمراد بهذا المجادل في هذه الآية هو المجادل في الآية الأولى ، أعني قوله : { وَمِنَ الناس مَن يجادل فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شيطان مَرِيدٍ } [ الحج : 3 ] وبذلك قال كثير من المفسرين . والتكرير للمبالغة في الذمّ كما تقول للرجل تذمه وتوبخه : أنت فعلت هذا أنت فعلت هذا ؟ ويجوز أن يكون التكرير لكونه وصفه في كل آية بزيادة على ما وصفه به في الآية الأخرى ، فكأنه قال : ومن الناس من يجادل في الله ويتبع كلّ شيطان مريد بغير علم { وَلاَ هُدًى وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ } ليضل عن سبيل الله اه . وقيل : الآية الأولى في المقلدين اسم فاعل . والثانية في المقلدين اسم مفعول . ولا وجه لهذا كما أنه لا وجه لقول من قال : إن الآية الأولى خاصة بإضلال المتبوعين لتابعيهم ، والثانية عامة في كلّ إضلال وجدال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.