فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمۡ وَلَا يَضُرُّهُمۡۗ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِيرٗا} (55)

لما ذكر سبحانه دلائل التوحيد عاد إلى ذكر قبائح الكفار ، وفضائح سيرتهم ، فقال { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُهُمْ } إن عبدوه { وَلاَ يَضُرُّهُمْ } إن تركوه { وَكَانَ الكافر على رَبّهِ ظَهِيراً } الظهير المظاهر : أي المعاون على ربه بالشرك والعداوة ، والمظاهرة على الربّ هي المظاهرة على رسوله أو على دينه . قال الزجاج : لأنه يتابع الشيطان ، ويعاونه على معصية الله ، لأن عبادتهم للأصنام معاونة للشيطان . وقال أبو عبيدة : المعنى وكان الكافر على ربه هيناً ذليلاً ، من قول العرب ظهرت به : أي جعلته خلف ظهرك لم تلتفت إليه ، ومنه قوله : { واتخذتموه وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً } [ هود : 92 ] أي هيناً ، ومنه أيضاً قول الفرزدق :

تميم بن بدر لا تكوننّ حاجتي *** بظهر فلا يعيا عليّ جوابها

وقيل إن المعنى : وكان الكافر على ربه الذي يعبده ، وهو الصنم قوياً غالباً يعمل به ما يشاء ، لأن الجماد لا قدرة له على دفع ونفع ، ويجوز أن يكون الظهير جمعاً كقوله : { وَالْمَلاَئِكَة بَعْدَ ذلك ظَهِيرٌ } [ التحريم : 4 ] ، والمعنى : أن بعض الكفرة مظاهر لبعض على رسول الله أو على دين ، والمراد بالكافر هنا الجنس ، ولا ينافيه كون سبب النزول هو كافر معين كما قيل إنه أبو جهل .

/خ67