فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا وَٱلنَّوۡمَ سُبَاتٗا وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُورٗا} (47)

{ وَهُوَ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِبَاساً } شبه سبحانه ما يستر من ظلام الليل باللباس الساتر . قال ابن جرير : وصف الليل باللباس تشبيهاً من حيث أنه يستر الأشياء ويغشاها ، واللام متعلقة بجعل { والنوم سُبَاتاً } أي وجعل النوم سباتاً : أي راحة لكم ، لأنكم تنقطعون عن الاشتغال ، وأصل السبات التمدد : يقال سبتت المرأة شعرها : أي نقضته وأرسلته ، ورجل مسبوت : أي ممدود الخلقة . وقيل للنوم سبات ، لأنه بالتمدد يكون ، وفي التمدد معنى الراحة . وقيل السبت القطع ، فالنوم انقطاع عن الاشتغال ، ومنه سبت اليهود لانقطاعهم عن الاشتغال . قال الزجاج : السبات النوم ، وهو أن ينقطع عن الحركة ، والروح في بدنه : أي جعلنا نومكم راحة لكم . وقال الخليل : السبات نوم ثقيل : أي جعلنا نومكم ثقيلاً ليكمل الإجمام والراحة { وَجَعَلَ النهار نُشُوراً } أي زمان بعث من ذلك السبات ، شبه اليقظة بالحياة كما شبه النوم بالسبات الشبيه بالممات . وقال في الكشاف : إن السبات الموت ، واستدل على ذلك بكون النشور في مقابلته .

/خ54