قوله تعالى : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } الآية . لما ذكر دلائل التوحيد عاد إلى تهجين سيرتهم فقال «وَيَعْبُدُونَ » أي : هؤلاء المشركون { مَا لاَ يَنفَعُهُمْ } إن عبدوه «وَلاَ يَضرُّهُمْ » إن تركوه ، { وَكَانَ الكافر على رَبِّهِ ظَهِيراً } أي : معيناً للشيطان على ربه بالمعاصي{[36443]} . قال الزجاج : يعاون الشيطان على معصية الله ، لأن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان{[36444]} . فإن قيل كيف يصح في الكافر أن يكون معاوناً للشيطان على ربه بالعداوة . فالجواب أنه تعالى ذكر نفسه وأراد رسوله فقال : { إِنَّ الذين يُؤْذُونَ الله }{[36445]} [ الأحزاب : 57 ] . وقيل : معناه : وكان{[36446]} الكافر على ربه هيناً ذليلاً ، كما يقول الرجل لمن يستهين به : جعلني بظهر ، أي : جعلني هيناً ، ويقال : ظهرت به : إذا جعلته خلف ظهرك ، كقوله : { واتخذتموه وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً }{[36447]} [ هود : 92 ] .
قال{[36448]} أبو مسلم : وقياس العربية أن يقال : مظهوراً ، أي : مستخف به متروك وراء الظهر ، فقيل فيه : ظهير بمعنى مظهور ، ومعناه : هين على الله أن يكفر الكافر ، وهو تعالى مستهين بكفره{[36449]} .
والمراد بالكافر قيل : أبو جهل ، لأن الآية نزلت فيه . والأولى{[36450]} حمله على العموم لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ{[36451]} . قيل : ويجوز أن يريد بالظهير{[36452]} الجماعة كقوله : { وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [ التحريم : 4 ] كالصديق والخليط ، فعلى هذا يكون المراد بالكافر الجنس ، وأن بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور الله قال تعالى : { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي }{[36453]} [ الأعراف : 202 ] .
قوله : «عَلَى رَبِّهِ » يجوز أن يتعلق ب «ظَهِيراً » ، وهو الظاهر ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه خبر «كان » و «ظهيراً » حال{[36454]} ، والظهير المعاون{[36455]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.