فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمۡ وَلَا يَضُرُّهُمۡۗ وَكَانَ ٱلۡكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِۦ ظَهِيرٗا} (55)

ولما ذكر سبحانه دلائل التوحيد عاد إلى ذكر قبائح الكفار وفضائح سيرتهم فقال :

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ } إن عبدوه { وَلَا يَضُرُّهُمْ } إن تركوه { وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } هو المظاهر أي المعاون على ربه بالشرك والعداوة ، والمظاهر على الرب هي المظاهرة على رسوله أو على دينه قال الزجاج : لأنه يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الله لأن عبادتهم للأصنام معاونة للشيطان . وقال أبو عبيدة : المعنى وكان الكافر على ربه هينا مهينا ذليلا من قول العرب ظهرت به أي جعلته خلف ظهري لم ألتفت إليه . ومنه قوله تعالى { واتخذتموه وراءكم ظهريا } وقيل إن المعنى وكان الكافر على ربه الذي يعبده وهو الصنم قويا غالبا يعمل به ما يشاء لأن الجماد لا قدرة له على دفع ونفع .

ويجوز أن يكون الظهير جمعا كقوله : { والملائكة بعد ذلك ظهيرا } أو المعنى أن بعض الكفرة مظاهر لبعض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو دين الله والمراد بالكفرة هنا الجنس ولا ينافيه كون سبب النزول هو كافرا معينا ، كما قيل إنه أبو جهل . وقال ابن عباس : يعني أبا الحكم الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل بن هشام فالأصح انه عام في كل كافر .