فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٞ} (89)

{ فَنَظَرَ نَظْرَةً في النجوم * فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ } قال الواحدي : قال المفسرون : كانوا يتعاطون علم النجوم ، فعاملهم بذلك لئلا ينكروا عليه ، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ؛ لتلزمهم الحجة في أنها غير معبودة ، وكان لهم من الغد يوم عيد يخرجون إليه ، وأراد أن يتخلف عنهم ، فاعتلّ بالسقم : وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ، فنظر إلى النجوم يريهم أنه مستدلّ بها على حاله ، فلما نظر إليها قال : إني سقيم ، أي سأسقم . وقال الحسن : إنهم لما كلفوه أن يخرج معهم تفكر فيما يعمل ، فالمعنى على هذا : أنه نظر فيما نجم له من الرأي ، أي فيما طلع له منه ، فعلم أن كلّ شيء يسقم { فَقَالَ إِنّى سَقِيمٌ } . قال الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم . وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى . وقال الضحاك : معنى : { إني سقيم } سأسقم سقم الموت ، لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت ، وهذا تورية وتعريض كما قال للملك لما سأله عن سارّة : هي أختي يعني : أخوّة الدين . وقال سعيد بن جبير : أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون ، وكانوا يهربون من ذلك ، ولهذا قال : { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } .

/خ113