والإشارة بقوله : { ذَلِكَ الذي يُبَشّرُ الله عِبَادَهُ } إلى الفضل الكبير ، أي يبشرهم به . ثم وصف العباد بقوله : { الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } ، فهؤلاء الجامعون بين الإيمان ، والعمل بما أمر الله به ، وترك ما نهى عنه هم : المبشرون بتلك البشارة . قرأ الجمهور { يبشر } مشدّداً من بشر . وقرأ مجاهد وحميد بن قيس بضم التحتية ، وسكون الموحدة ، وكسر الشين من أبشر . وقرأ بفتح التحتية ، وضم الشين بعض السبعة ، وقد تقدّم بيان القراءات في هذه اللفظة . ثم لما ذكر سبحانه ما أخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه الأحكام الشريفة التي اشتمل عليها كتابه ، أمره بأنه يخبرهم بأنه لا يطلب منهم بسبب هذا التبليغ ثواباً منهم ، فقال : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أي قل يا محمد : لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة جعلا ولا نفعاً { إِلاَّ المودة في القربى } هذا الاستثناء يجوز أن يكون متصلاً ، أي إلاّ أن تودّوني لقرابتي بينكم ، أو تودّوا أهل قرابتي . ويجوز أن يكون منقطعاً . قال الزجاج : { إلاّ المودّة } استثناء ليس من الأوّل ، أي إلاّ أن تودّوني لقرابتي فتحفظوني ، والخطاب لقريش . وهذا قول عكرمة ، ومجاهد ، وأبي مالك ، والشعبي ، فيكون المعنى على الانقطاع : لا أسألكم أجراً قط ، ولكن أسألكم المودّة في القربى التي بيني وبينكم ، ارقبوني فيها ، ولا تعجلوا إليّ ، ودعوني والناس ، وبه قال قتادة ، ومقاتل ، والسدّي ، والضحاك ، وابن زيد ، وغيرهم ، وهو الثابت عن ابن عباس كما سيأتي . وقال سعيد بن جبير وغيره : هم آل محمد ، وسيأتي ما استدل به القائلون بهذا . وقال الحسن وغيره : معنى الآية : إلاّ التودّد إلى الله عزّ وجلّ والتقرّب بطاعته . وقال الحسن بن الفضل : ورواه ابن جرير عن الضحاك : إن هذه الآية منسوخة ، وإنما نزلت بمكة ، وكان المشركون يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم الله بمودّته ، فلما هاجر أوته الأنصار ونصروه ، فأنزل الله عليه : { وَمَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ على رَبّ العالمين } [ الشعراء : 109 ] ، وأنزل عليه { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله } [ سبأ : 47 ] . وسيأتي في آخر البحث ما يتضح به الثواب ، ويظهر به معنى الآية إن شاء الله { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً } أصل القرف الكسب ، يقال : فلان يقرف لعياله ، أي يكتسب . والاقتراف : الاكتساب ، مأخوذ من قولهم رجل قرفة : إذا كان محتالاً . والمعنى : من يكتسب حسنة نزد له هذه الحسنة حسناً بمضاعفة ثوابها . قال مقاتل : المعنى من يكتسب حسنة واحدة نزد له فيها حسناً نضاعفها بالواحدة عشراً فصاعداً . وقيل : المراد بهذه الحسنة هي المودّة في القربى ، والحمل على العموم أولى ، ويدخل تحته المودّة في القربى دخولاً أوّلياً { إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ } أي كثير المغفرة للمذنبين كثير الشكر للمطيعين . قال قتادة : غفور للذّنوب شكور للحسنات . وقال السدّي : غفور لذنوب آل محمد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.