فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

{ لِتَسْتَوُواْ على ظُهُورِهِ } الضمير راجع إلى ما قاله أبو عبيد . وقال الفراء : أضاف الظهور إلى واحد ، لأن المراد به : الجنس ، فصار الواحد في معنى الجمع بمنزلة الجنس فلذلك ذكر ، وجمع الظهر لأن المراد ظهور هذا الجنس ، والاستواء : الاستعلاء ، أي لتستعلوا على ظهور ما تركبون من الفلك والأنعام { ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا استويتم عَلَيْهِ } أي هذه النعمة التي أنعم بها عليكم من تسخير ذلك المركب في البحر والبرّ . وقال مقاتل والكلبي : هو أن يقول الحمد لله الذي رزقني هذا وحملني عليه { وَتَقُولُواْ سبحان الذي سَخَّرَ لَنَا هذا } أي ذلل لنا هذا المركب ، وقرأ عليّ بن أبي طالب : " سبحان من سخر لنا هذا " قال قتادة : قد علمكم كيف تقولون إذا ركبتم ، ومعنى { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } ما كنا له مطيقين ، يقال : أقرن هذا البعير : إذا أطاقه . وقال الأخفش وأبو عبيدة : مقرنين : ضابطين ، وقيل : مماثلين له في القوّة ، من قولهم : هو قرن فلان إذا كان مثله في القوّة ، وأنشد قطرب قول عمرو بن معد يكرب :

لقد علم القبائل ما عقيل *** لنا في النائبات بمقرنينا

وقال آخر :

ركبتم صعبتي أشراً وحيفا *** ولستم للصعاب بمقرنينا

والمراد بالأنعام هنا : الإبل خاصة ، وقيل الإبل والبقر ، والأوّل أولى .

/خ20