قوله : { إِذْ قَالَ الحواريون } الظرف منصوب بفعل مقدر ، أي ، اذكر أو نحوه كما تقدّم ، قيل والخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم . قرأ الكسائي : { هَل تَسْتَطِيعَ } بالفوقية ، ونصب ربك ، وبه قرأ عليّ وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد . وقرأ الباقون بالتحتية ورفع ربك . واستشكلت القراءة الثانية بأنه قد وصف سبحانه الحواريين بأنهم قالوا : { آمَنَّا واشهد بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } والسؤال عن استطاعته لذلك ينافي ما حكوه عن أنفسهم . وأجيب بأن هذا كان في أوّل معرفتهم قبل أن تستحكم معرفتهم بالله ، ولهذا قال عيسى في الجواب عن هذا الاستفهام الصادر منهم ، { اتقوا الله إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } أي لا تشكوا في قدرة الله . وقيل : إنهم ادّعوا الإيمان والإسلام دعوى باطلة ، ويردّه أن الحواريين هم خلصاء عيسى وأنصاره ، كما قال : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله } وقيل : إن ذلك صدر ممن كان معهم ، وقيل : إنهم لم يشكوا في استطاعة البارئ سبحانه ، فإنهم كانوا مؤمنين عارفين بذلك ، وإنما هو كقول الرجل : هل يستطيع فلان أن يأتي مع علمه بأنه يستطيع ذلك ويقدر عليه ، فالمعنى : هل يفعل ذلك وهل يجيب إليه ؟ وقيل إنهم طلبوا الطمأنينة كما قال إبراهيم عليه السلام { رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيي الموتى } الآية . ويدل على هذا قولهم من بعد { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } وأما على القراءة الأولى ، فالمعنى : هل تستطيع أن تسأل ربك . قال الزجاج : المعنى هل تستدعي طاعة ربك فيما تسأله فهو من باب : { واسأل القرية } ، والمائدة : الخوان إذا كان عليه الطعام ، من ماده : إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدّم إليه قاله قطرب وغيره . وقيل هي فاعلة بمعنى مفعولة ك{ عيشة راضية } قاله أبو عبيدة ، فأجابهم عيسى عليه السلام بقوله : { اتقوا الله إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ } أي اتقوه من هذا السؤال ، وأمثاله إن كنتم صادقين في إيمانكم ، فإن شأن المؤمن ترك الاقتراح على ربه على هذه الصفة ؛ وقيل : إنه أمرهم بالتقوى ليكون ذلك ذريعة إلى حصول ما طلبوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.