قوله : { قَدْ خَسِرَ الذين كَذَّبُواْ بِلِقَاء الله } هم الذين تقدّم ذكرهم . والمراد من تكذيبهم بلقاء الله تكذيبهم بالبعث ، وقيل تكذيبهم بالجزاء . والأوّل أولى ، لأنهم الذين قالوا قريباً : { إِنْ هِي إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } { حتى إِذَا جَاءتْهُمُ الساعة بَغْتَةً } أي القيامة ، وسميت ساعة لسرعة الحساب فيها . ومعنى بغتة : فجأة ، يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتاً وبغتة . قال سيبويه : وهي مصدر في موضع الحال ، قال : ولا يجوز أن يقاس عليه ، فلا يقال : جاء فلان سرعة ، و { حتى } غاية للتكذيب لا للخسران ، فإنه لا غاية له { قَالُواْ يا حسرتنا } هذا جواب { إذا جاءتهم } أوقعوا النداء على الحسرة ، وليست بمنادى في الحقيقة ليدلّ ذلك على كثرة تحسرهم . والمعنى : يا حسرتنا احضري ، فهذا أوانك ، كذا قال سيبويه في هذا النداء وأمثاله ، كقولهم : يا للعجب ويا للرجل . وقيل : هو تنبيه للناس على عظم ما يحلّ بهم من الحسرة ، كأنهم قالوا : يا أيها الناس تنبهوا على عظيم ما بنا من الحسرة ، والحسرة : الندم الشديد { على مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } أي على تفريطنا في الساعة ، أي في الاعتداد لها ، والاحتفال بشأنها ، والتصديق بها . ومعنى فرّطنا ضيعنا ، وأصله التقدّم ، يقال فرط فلان : أي تقدّم وسبق إلى الماء ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " وأنا فرطكم على الحوض " ، ومنه الفارط : أي المتقدم فكأنهم أرادوا بقولهم : { على مَا فَرَّطْنَا } أي على ما قدّمنا من عجزنا عن التصديق بالساعة والاعتداد لها ، وقال ابن جرير الطبري : إن الضمير في { فرّطنا فيها } يرجع إلى الصفقة ، وذلك أنهم لما تبين لهم خسران صفقتهم ببيعهم الإيمان بالكفر ، والدنيا بالآخرة { قَالُواْ يا حسرتنا على مَا فَرَّطْنَا } في صفقتنا ، وإن لم تذكر في الكلام ، فهو دالّ عليها ؛ لأن الخسران لا يكون إلا في صفقة . وقيل الضمير راجع إلى الحياة : أي على ما فرّطنا في حياتنا .
قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ } هذه الجملة حالية ، أي يقولون تلك المقالة ، والحال أنهم : { يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ على ظُهُورِهِمْ } أي ذنوبهم ، جمع وزر : يقال : وزر يزر ، فهو وازر وموزور ، وأصله من الوزر . قال أبو عبيدة : يقال للرجال إذا بسط ثوبه ، فجعل فيه المتاع : احمل وزرك ، أي ثقلك ، ومنه الوزير ، لأنه يحمل أثقال ما يسند إليه من تدبير الولاية . والمعنى : أنها لزمتهم الآثام فصاروا مثقلين بها ، وجعلها محمولة على الظهور تمثيل { أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } أي بئس ما يحملون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.