قوله : { وَمَا تَنقِمُ مِنَّا } قرأ الحسن بفتح القاف . قال الأخفش : هي لغة ، وقرأ الباقون بكسرها . يقال نقمت الأمر أنكرته ، أي لست تعيب علينا وتنكر منا { إِلا أَنْ آمَنَّا بآيات رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا } مع أن هذا هو الشرف العظيم والخير الكامل ، ومثله لا يكون موضعاً للعيب ومكاناً للإنكار ، بل هو حقيق بالثناء الحسن والاستحسان البالغ ، ثم تركوا خطابه وقطعوا الكلام معه والتفتوا إلى خطاب الجناب العليّ ، مفوّضين الأمر إليه ، طالبين منه عزّ وجلّ أن يثبتهم على هذه المحنة بالصبر قائلين : { رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا } الإفراغ : الصبّ ، أي اصببه علينا حتى يفيض ويغمرنا . طلبوا أبلغ أنواع الصبر ، استعداداً منهم لما سينزل بهم من العذاب من عدوّ الله ، وتوطيناً لأنفسهم على التصلب في الحق ، وثبوت القدم على الإيمان ، ثم قالوا : { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } أي توفنا إليك حال ثبوتنا على الإسلام ، غير محرّفين ، ولا مبدّلين ، ولا مفتونين . ولقد كان ما هم عليه من السحر ، والمهارة في علمه ، مع كونه شرّاً محضاً ، سبباً للفوز بالسعادة ، لأنهم علموا أن هذا الذي جاء به موسى خارج عن طوق البشر ، وأنه من فعل الله سبحانه ، فوصلوا بالشرّ إلى الخير ، ولم يحصل من غيرهم ممن لا يعرف هذا العلم من أتباع فرعون ، ما حصل منهم من الإذعان والاعتراف والإيمان ، وإذا كانت المهارة في علم الشرّ قد تأتي بمثل هذه الفائدة ، فما بالك بالمهارة في علم الخير ، اللهم انفعنا بما علمتنا ، وثبت أقدامنا على الحق ، وأفرغ علينا سجال الصبر ، وتوفنا مسلمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.