فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓۗ أَلَآ إِنَّمَا طَـٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (131)

قوله : { فَإِذَا جَاءتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه } أي الخصلة الحسنة من الخصب بكثرة المطر ، وصلاح الثمرات ، ورخاء الأسعار { قَالُواْ لَنَا هذه } أي أعطيناها باستحقاق ، وهي مختصة بنا { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } أي خصلة سيئة من الجدب والقحط ، وكثرة الأمراض ونحوها من البلاء { يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ } أي يتشاءموا بموسى ومن معه من المؤمنين به ، والأصل يتطيروا أدغمت التاء في الطاء ، وقرأ طلحة { تطيروا } على أنه فعل ماض . وقد كانت العرب تتطير بأشياء من الطيور والحيوانات ، ثم استعمل بعد ذلك في كل من تشاءم بشيء . ومثل هذا قوله تعالى : { وإن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِكَ } قيل : ووجه تعريف الحسنة أنها كثيرة الوقوع ، ووجه تنكير السيئة ندرة وقوعها .

قوله : { أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ الله } أي سبب خيرهم وشرهم بجميع ما ينالهم من خصب وقحط ، هو من عند الله ، ليس بسبب موسى ومن معه . وكان هذا الجواب على نمط ما يعتقدونه وبما يفهمونه . ولهذا عبر بالطائر عن الخير والشر الذي يجري بقدر الله وحكمته ومشيئته { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } بهذا ، بل ينسبون الخير والشر إلى غير الله جهلاً منهم . وقرأ الحسن «طيرهم » .

/خ136