إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتۡنَاۚ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَتَوَفَّنَا مُسۡلِمِينَ} (126)

{ وَمَا تَنقِمُ مِنَّا } أي وما تُنكر وتَعيب منا { إِلا أَنْ ءامَنَّا بآيات رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } وهو خيرُ الأعمال وأصلُ المفاخر ليس مما يتأتى لنا العدولُ عنه طلباً لمرضاتك ثم أعرضوا عن مخاطبته إظهاراً لما في قلوبهم من العزيمة على ما قالوا وتقريراً له ففزِعوا إلى الله عز وجل وقالوا : { رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا } أي أفِضْ علينا من الصبر ما يغمُرنا كما يغمرُ الماءُ أو صُبّ علينا ما يُطَهّرنا من أوضار الأوزار وأدناسِ الآثام وهو الصبرُ على وعيد فرعون { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } ثابتين على ما رزقنا من الإسلام غيرَ مفتونين من الوعيد . قيل : فَعل بهم ما أوعدهم به وقيل : لم يقدر عليه لقوله تعالى : { أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون } [ القصص : 35 ] .