فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا كُبَّارٗا} (22)

{ وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } أي مكراً كبيراً عظيماً ، يقال : كبير وكبار ، وكبار مثل عجيب وعجاب وعجاب ، وجميل وجمال وجمال . قال المبرد : «كُبَّاراً » بالتشديد للمبالغة ، ومثل { كبَّاراً } قرّاء لكثير القراءة ، وأنشد ابن السكيت :

بيضاء تصطاد القلوب وتستبي *** بالحسن قلب المسلم القرّاء

قرأ الجمهور { كُبَّاراً } بالتشديد . وقرأ ابن محيصن وحميد ومجاهد بالتخفيف . قال أبو بكر : هو جمع كبير كأنه جعل مكراً مكان ذنوب أو أفاعيل ، فلذلك وصفه بالجمع . وقال عيسى بن عمر : هي لغة يمانية .

واختلف في مكرهم هذا ما هو ؟ فقيل : هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح ، وقيل : هو تغريرهم على الناس بما أوتوا من المال والولد حتى قال الضعفة : لولا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم . وقال الكلبي : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد . وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم لا تذرنّ إلهتكم وقيل : مكرهم كفرهم .