فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا كُبَّارٗا} (22)

{ ومكروا مكرا كبارا ( 22 ) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ( 23 ) وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ( 24 ) مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ( 25 ) وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ( 26 ) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ( 27 ) رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ( 28 ) }

{ ومكروا } أي الرؤساء { مكرا كبارا } قرأ الجمهور بالتشديد أي كبيرا عظيما جدا ، يقال كبير وكبار وكبار مثل عجيب وعجاب وعجاب ، وحميل وحمال وحمال ، قال المبرد : كبارا بالتشديد للمبالغة ومثل كبار قراء لكثير القراءة ، وقرئ بالضم والتخفيف وهو بناء مبالغة أيضا دون الأول ، وقرئ بكسر الكاف وتخفيف الباء ، قال أبو بكر : هو جمع كبير كأنه جعل مكرا مكان ذنوب أو أفاعيل فلذلك وصفه بالجمع ، وقال عيسى بن عمر هي لغة يمانية ، وقيل جمع الضمير حملا على معنى من بعد حمله على لفظها في قوله { من لم يزده ماله وولده } قاله السمين .

واختلف في مكرهم هذا ما هو فقيل هو تحريشهم سفلتهم على قتل نوح وأذاه وصد الناس عن الإيمان به والميل إليه ، والاستماع منه ، وقيل هو تغريرهم على الناس بما أوتوا من المال والولد حتى قلل الضعفة لولا أنهم على الحق لما أوتوا هذه النعم ، وقال الكلبي : هو ما جعلوه لله من الصاحبة والولد ، وقال مقاتل : هو قول كبرائهم لأتباعهم { لا تذرن آلهتكم } وقيل مكرهم كفرهم وقيل : افتروا على الله الكذب وكذبوا رسله .