هي ثمان وعشرون آية وهي مكية . قال القرطبي : في قول الجميع . وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الجن بمكة . وأخرج ابن مردويه عن عائشة وابن الزبير مثله .
قوله : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ } قرأ الجمهور : { أُوحِيَ } رباعياً . وقرأ ابن أبي عبلة وأبو إياس والعتكي عن أبي عمرو : «وحي » ثلاثياً ، وهما لغتان . واختلف هل رآهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أم لم يرهم ؟ فظاهر القرآن أنه لم يرهم ، لأن المعنى : قل يا محمد لأمتك : أوحي إليّ على لسان جبريل { أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مّنَ الجن } ومثله قوله : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الجن يَسْتَمِعُونَ القرءان } [ الأحقاف : 29 ] ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنّ وما رآهم . قال عكرمة : والسورة التي كان يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي { اقرأ باسم رَبّكَ الذي خَلَقَ } [ العلق : 1 ] وقد تقدّم في سورة الأحقاف ذكر ما يفيد زيادة في هذا . قوله : { أَنَّهُ استمع نَفَرٌ مّنَ الجن } هذا هو القائم مقام الفاعل ، ولهذا فتحت أنّ ، والضمير للشأن ، وعند الكوفيين والأخفش يجوز أن يكون القائم مقام الفاعل الجارّ والمجرور ، والنفر اسم للجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة . قال الضحاك : والجنّ ولد الجانّ وليسوا شياطين . وقال الحسن : إنهم ولد إبليس . قيل : هم أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية والهوائية . وقيل : نوع من الأرواح المجرّدة . وقيل : هي النفوس البشرية المفارقة لأبدانها .
وقد اختلف أهل العلم في دخول مؤمني الجنّ الجنة ، كما يدخل عصاتهم النار لقوله في سورة تبارك : { وجعلناها رُجُوماً للشياطين وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير } [ الملك : 5 ] وقول الجنّ فيما سيأتي في هذه السورة : { وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [ الجن : 15 ] وغير ذلك من الآيات ، فقال الحسن : يدخلون الجنة ، وقال مجاهد : لا يدخلونها ، وإن صرفوا عن النار . والأوّل أولى لقوله في سورة الرحمن : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } [ الرحمن : 74 . 56 ] وفي سورة الرحمن آيات غير هذه تدل على ذلك فراجعها ، وقد قدّمنا أن الحق أنه لم يرسل الله إليهم رسلاً منهم ، بل الرسل جميعاً من الإنس ، وإن أشعر قوله : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } [ الزمر : 71 ] بخلاف هذا ، فهو مدفوع الظاهر بآيات كثيرة في الكتاب العزيز دالة على أن الله سبحانه لم يرسل الرسل إلاّ من بني آدم ، وهذه الأبحاث الكلام فيها يطول ، والمراد الإشارة بأخصر عبارة . { فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءانَاً عَجَباً } أي قالوا لقومهم لما رجعوا إليهم : أي سمعنا كلاماً مقروءاً عجباً في فصاحته وبلاغته . وقيل : عجباً في مواعظه . وقيل : في بركته ، وعجباً مصدر وصف به للمبالغة ، أو على حذف المضاف : أي ذا عجب ، أو المصدر بمعنى اسم الفاعل : أي معجباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.