ثم بيّن سبحانه أن بين الفريقين بوناً بعيداً . فقال : { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } والهمزة للإنكار التقريري ، والبنيان مصدر كالعمران ، وأريد به المبنيّ ، أسس دينه على ضدّ ذلك ، وهو الباطل والنفاق ، والموصول مبتدأ ، وخبره { خير } ، وقرئ : «أسس بنيانه » على بناء الفعل للفاعل ، ونصب بنيانه ، واختار هذه القراءة أبو عبيدة ، وقرئ على البناء للمجهول ، وقرئ : «أساس بنيانه » بإضافة أساس إلى بنيانه ، وقرئ : «أسّ بنيانه » والمراد : أصول البناء ، وحكى أبو حاتم قراءة أخرى ، وهي «آساس بنيانه » على الجمع ، ومنه :
أصبح الملك ثابت الآساس *** بالبهاليل من بني العباس
والشفا : الشفير ، والجرف : ما يتجرف بالسيول ، وهي : الجوانب التي تنجرف بالماء ، والاجتراف : اقتلاع الشيء من أصله ، وقرئ بضم الراء من جرف وبإسكانها . والهار : الساقط ، يقال هار البناء : إذا سقط ، وأصله : هائر ، كما قالوا : شاك السلاح ، وشائك كذا ، قال الزجاج . وقال أبو حاتم : إن أصله هاور . قال في شمس العلوم : الجرف ما جرف السيل أصله ، وأشرف أعلاه فإن انصدع أعلاه فهو الهار اه ، جعل الله سبحانه هذا مثلاً لما بنوا عليه دينهم الباطل المضمحلّ بسرعة ، ثم قال : { فانهار بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } وفاعل فانهار ، ضمير يعود على الجرف : أي فانهار الجرف بالبنيان في النار ، ويجوز أن يكون الضمير في { بِهِ } يعود إلى من ، وهو الباني .
والمعنى : أنه طاح الباطل بالبناء ، أو الباني في نار جهنم ، وجاء بالانهيار الذي هو للجرف ترشيحاً للمجاز ، وسبحان الله ما أبلغ هذا الكلام ، وأقوى تراكيبه ، وأوقع معناه ، وأفصح مبناه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.