بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (109)

ثم قال :

{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } يعني : أصَّل بنيانه { على تقوى مِنَ اللَّهِ } ، يعني : على توحيد الله تعالى ، { وَرِضْوَانٍ } من الله عز وجل . قرأ نافع وابن عامر { أَفَمَنْ أَسَّسَ } بضم الألف وكسر السين { بُنْيَانَهُ } بضم الألف والنون على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، وقرأ الباقون { أَسَّسَ } بنصب الألف وَ { بُنْيَانَهُ } بنصب النون ومعنى الآية : إن البناء الذي يراد به الخير ورضاء الرب تبارك وتعالى { خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ } ، يعني : مسجد الضرار { أسس بنيانه } أصِّل بنائه { على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فانهار بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ } ، يعني : على طرف هار ليس له أصل . قرأ حمزة وابن عامر وأبي بكر ، عن عاصم { على شفا جُرُفٍ } بجزم الراء ، والباقون بالضم ومعناهما واحد . وقال القتبي : يعني : على شفا جرف هائر . والجرف : ما ينجرف بالسيول من الأودية . والهائر : الساقط . يقال : تهور البناء وانهار وهار ، إذا سقط . وهذا على سبيل المثل ، يعني : إن الذي بنى المسجد ، إنّما بنى على جرف جهنم ، فانهار بأهله في نار جهنم . وقال الكلبي : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين بعد رجوعه من غزوة تبوك ، فأحرقاه وهدماه .

ثم قال : { والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } ، يعني : لا يرشدهم إلى دينه ، يعني : الذين كفروا في السر .