{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا } أي : في وقت من الأوقات ، والنهي عن القيام فيه ، يستلزم النهي عن الصلاة فيه . وقد يعبر عن الصلاة بالقيام ، يقال فلان يقوم الليل : أي يصلي ، ومنه الحديث الصحيح : «من قام رمضان إيماناً به واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه » ثم ذكر الله سبحانه علة النهي عن القيام فيه بقوله : { لَمَسْجِد أُسّسَ عَلَى التقوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } واللام في { لَمَسْجِد } لام القسم ، وقيل : لام الابتداء ، وفي ذلك تأكيد لمضمون الجملة ، وتأسيس البناء : تثبيته ورفعه .
ومعنى تأسيسه على التقوى : تأسيسه على الخصال التي تتقى بها العقوبة .
واختلف العلماء في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقالت طائفة : هو مسجد قباء ، كما روي عن ابن عباس والضحاك ، والحسن ، والشعبي ، وغيرهم . وذهب آخرون إلى أنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم . والأول : أرجح لما سيأتي قريباً إن شاء الله .
و { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } متعلق بأسس : أي أسس على التقوى من أول يوم من أيام تأسيسه ، قال بعض النحاة : إن { مِنْ } هنا بمعنى منذ : أي منذ أوّل يوم ابتدئ ببنائه ، وقوله : { أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } خبر المبتدأ ، والمعنى : لو كان القيام في غيره جائزاً لكان هذا أولى بقيامك فيه للصلاة ولذكر الله ، لكونه أسس على التقوى من أوّل يوم ، ولكون { فِيهِ رِجَال يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } وهذه الجملة مستأنفة لبيان أحقية قيامه صلى الله عليه وسلم فيه : أي كما أن هذا المسجد أولى من جهة المحل ، فهو أولى من جهة الحالّ فيه ، ويجوز أن تكون هذه الجملة في محل نصب على الحال : أي حال كون فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، ويجوز أن تكون صفة أخرى لمسجد . ومعنى محبتهم للتطهر : أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه عند عروض موجبه ؛ وقيل : معناه : يحبون التطهر من الذنوب بالتوبة والاستغفار . والأوّل : أولى . وقيل : يحبون أن يتطهروا بالحمى المطهرة من الذنوب فحموا جميعاً ، وهذا ضعيف جدّاً . ومعنى محبة الله لهم : الرضا عنهم ، والإحسان إليهم ، كما يفعل المحب بمحبوبه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.