الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَفَمَنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ تَقۡوَىٰ مِنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٍ خَيۡرٌ أَم مَّنۡ أَسَّسَ بُنۡيَٰنَهُۥ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٖ فَٱنۡهَارَ بِهِۦ فِي نَارِ جَهَنَّمَۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (109)

وقوله سبحانه : { فانهار بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } الظاهر منه أَنَّه خارجٌ مَخْرَجَ المَثَلِ ، وقيل : بل ذلك حقيقة ، وأن ذلك المَسْجِدَ بعينه انهار في نَارِ جَهَنَّم ؛ قاله قتادةُ وابْنُ جُرَيْج ، وروي عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ وغيره ؛ أنه قال : رَأَيْتُ الدُّخَانَ يَخْرُجُ منه علَى عهد رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وروي في بَعْضِ الكُتُبِ ؛ أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَآهُ حين انهار بَلَغَ الأَرض السابعة ، فَفَزِعَ لذلك صلى الله عليه وسلم ، وروي أنهم لم يُصلُّوا فيه أكْثَرَ من ثلاثةِ أيامٍ ، وهذا كلُّه بإِسناد لَيِّنٍ ، واللَّه أعلم ، وأسند الطبريُّ عن خلفِ بْنِ ياسِين ، أنه قَالَ : رَأَيْتُ مسْجِدَ المنافقينَ الذي ذَكَرَه اللَّه في القرآن ، فَرَأَيْتُ فيه مكاناً يخرجُ منه الدُّخَان وذلك في زَمَن أبي جَعْفَرٍ المنصورِ ، وروي شبيه بهذا أو نحوه عَن ابن جُرَيْج : أسنده الطبري .

قال ابن العربيِّ في «أحكامه » وفي قوله تعالَى : { فانهار بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } ، مع قوله : { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } [ القارعة : 9 ] إِشَارَةٌ إِلَى أَن النار تَحْتُ ؛ كما أن الجَنَّةَ فَوْقُ . انتهى .