تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

9

{ وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدوا إلى فرارا }

المفردات :

يثرب : من أشماء المدينة .

لا مقام لكم : لا ينبغي الإقامة ها هنا .

عورة : غير حصينة .

التفسير :

واذكروا حين ظهر النفاق من جماعة من المنافقين فنصحوا أهل المدينة بعدم الصبر على الجهاد والكفاح وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتخذ موقعا حصينا للقتال فجبل سلع خلف ظهور المسلمين والخندق بينهم وبين المشركين فقالت طائفة من المنافقين : يا أهل المدينة ليس هذا الموقع مناسبا لإقامتكم فارجعوا إلى المدينة للإقامة في بيوتكم أو لا مقام لكم في دين الإسلام فارجعوا إلى ما كنتم عليه فرارا من تبعة الجهاد والدفاع عن الإسلام .

وفريق آخر من المتخاذلين بعثوا من يستأذن لهم من النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة على بيوتهم لحمايتها فهي باطلة غير حصينة يخاف عليها من السراق والحال أن بيوتهم سليمة حصينة ولكن السبب الحقيقي وراء استئذانهم هو الفرار والهرب من تكاليف الجهاد وأعبائه .

ملاحق بتفسير الآية

1- روى أن بني حارثة بعثت بأوس بن قيظي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن بيوتنا عورة . . . وليس دار من دور الأنصار مثل دورنا ، ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا فنمنع ذرا رينا ونساءنا فأذن لهم صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله لا تأذن لهم إنا والله ما أصابنا وإياهم شدة إلا صنعوا هكذا . . . فردهم .

2- قال القاسمي :

( فائدة ) : يثرب من أسماء المدينة كما في الصحيح19 " أريت في المنام دار هجرتكم أرض بين حرتين فذهب وهلى أنها هجر فإذا هي يثرب " وفي لفظ : المدينة .

قال ابن كثير : فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد20 عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله تعالى إنما هي طابة هي طابة فقد تفرد بروايته الإمام أحمد وفي إسناده ضعف . أه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا} (13)

قوله : { وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا } { يَثْرِبَ } اسم أرض ، والمدينة ناحية منها وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم طيْبة وطابة . و { مُقَامَ } ، بضم الميم ، مصدر أقام يقيم ، أي لا إقامة لكم . ومقام ، بالفتح اسم مكان ؛ أي لا موضع لكم تقيمون فيه بهذه المقالة نادى المنافقون والضعفاء الذين في قلوبهم شبهة أو زيغ . لقد نادوا في أهل المدينة محرّضين على الهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين لهم أن لا إقامة لكم هنا ، { فَارْجِعُوا } أي عودوا إلى منازلكم .

قوله : { وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ } أي يستأذنوه في الرجوع إلى بيوتهم في المدينة وهم يصطنعون لأنفسهم العذر في ذلك وهو قوله : { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } أي فيها خلل لا يأمن صاحبُها السارق على متاعه . أو سائبة وغير حصينة . أو معوَّرة وذات عورة إذا كان يسهل دخولها{[3704]}

قوله : { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } ذلك تكذيب لهم من الله وردّ منه لما تذرعوا به مما ذكروه من عورة بيوتهم ، وإنما يبتغون الفرار من وجه المشركين لما استحوذ عليهم الشيطان فأفزعهم أيما إفزاع . وهو قوله : { إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا } أي ما يريد هؤلاء الخائرون المرجفون إلا الهرب من مواجهة المشركين{[3705]} .


[3704]:أساس البلاغة ص 439 وتفسير الرازي ج 25 ص 200
[3705]:تفسير الرازي ج 25 ص 200 والكشاف ج 3 ص 253-254