تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ} (37)

{ وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من ءامن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون } .

المفردات :

زلفى : قربى .

جزاء الضعف : الثواب المضاعف والضعف يعني الزيادة .

الغرفات : غرفات الجنة ومنازلها العالية .

آمنون : من المرض والموت وكل مكروه .

التفسير :

ليست الأموال ولا الأولاد ولا الجاه ولا السلطان تعني أن العبد مقرب من الله وذو وجاه ومنزلة لكن المؤمن الصالح الذي صدق في إيمانه وأعماله الصالح هو الذي يضاعف له الثواب في الآخرة ويدخل الجنة في أعلى الدرجات حال كونه آمنا من كل بأس أو خوف أو أذى وحرمان .

روى مسلم وأحمد وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا ينظر على صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . xiv

فالخلاصة : أن لله حكمة لا يعلمها إلا هو بالنسبة للغنى والفقر قال تعالى : { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا } . ( الإسراء : 21 ) .

أي كما هم متفاوتون في الدنيا هذا فقير مدقع وهذا غنى موسع عليه فكذلك في الآخرة هذا في الغرفات في أعلى الدرجات وهذا في النار في أسفل الدركات .

وقد أخرج مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ك " قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه " . xv

وروى الترمذي عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " . xvi

وروى ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة لغرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها " فقال أعرابي لمن هي ؟ قال صلى الله عليه وسلم " من طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام " . xvii

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ} (37)

قوله تعالى : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } أي : قربى ، قال الأخفش : قربى اسم مصدر كأنه قال بالتي تقربكم عندنا تقريباً ، { إلا من آمن } يعني : لكن من آمن ، { وعمل صالحاً } قال ابن عباس : يريد إيمانه وعمله يقربه مني ، { فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا } أي : يضعف الله حسناتهم فيجزي بالحسنة الواحدة عشر إلى سبعمائة قرأ يعقوب : جزاء منصوباً منوناً الضعف رفع ، تقديره : لهم الضعف جزاء ، وقرأ العامة بالإضافة ، { وهم في الغرفات آمنون } قرأ حمزة : في الغرفة على واحدة ، وقرأ الآخرون بالجمع لقوله : { لنبوئنهم من الجنة غرفا } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ} (37)

ولما هدم ما بالذات ، أتبعه ما بالثمرات ، فقال مؤكداً تكذيباً لدعواهم : { وما أموالكم } أي أيها الخلق الذين{[56972]} أنتم من جملتهم وإن كثرت ، وكرر النافي تصريحاً بإبطال كل على{[56973]} حياله فقال : { ولا أولادكم } كذلك ، وأثبت الجار تاكيداً للنفي فقال واصفاً الجمع المكسر بما هو حقه من التأنيث : { بالتي } أي بالأموال والأولاد التي { تقربكم عندنا } أي على ما لنا من العظمة بتصرفاتكم فيها بما يكسب المعالي { زلفى } أي درجة علية وقربة مكينة قال البغوي{[56974]} : قال الأخفش : هي{[56975]} اسم مصدر كأنه قال : تقريباً ، ثم استثنى من ضمير الجمع الذي هو قائم مقام أحد ، فكأنه قيل : لا تقرب أحداً{[56976]} { إلا من } أو يكون المعنى على حذف مضاف ، أي {[56977]}إلا أموال وأولاد{[56978]} من { آمن } أي منكم { وعمل } تصديقاً لإيمانه على ذلك الأساس { صالحاً } أي في ماله بإنفاقه في سبيل الله وفي ولده بتعليمه الخير .

ولما منّ على المصلحين من المؤمنين في أموالهم وأولادهم بأن جعلها{[56979]} سبباً لمزيد قربهم ، دل على ذلك بالفاء في قوله : { فأولئك } أي العالو الرتبة { لهم{[56980]} جزاء الضعف } أي بأن{[56981]} يأخذوا جزاءهم مضاعفاً في نفسه من عشرة أمثال إلى ما لا نهاية له ، ومضاعفاً بالنسبة إلى جزاء من تقدمهم من الأمم ، والضعف : الزيادة { بما عملوا } فإن أعمالهم ثابتة محفوظة بأساس الإيمان { وهم في الغرفات } أي العلالي المبنية فوق البيوت{[56982]} في الجنان{[56983]} ، زيادة على ذلك { آمنون * } أي ثابت أمنهم دائماً ، لا خوف عليهم من شيء من الأشياء أصلاً ، وأما غيرهم وهم المرادون بما بعده فأموالهم وأولادهم وبال عليهم .


[56972]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الذي.
[56973]:سقط من ظ.
[56974]:راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 5/240.
[56975]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: وهو، وفي المعالم: قربى.
[56976]:من م ومد، وفي الأصل وظ: أحد.
[56977]:من مد، وفي الأصل وظ وم: الأموال والأولاد.
[56978]:من مد، وفي الأصل وظ وم: الأموال والأولاد.
[56979]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يجعلها.
[56980]:سقط من ظ.
[56981]:في ظ ومد: أن.
[56982]:من م ومد، وفي الأصل وظ: البيت.
[56983]:في ظ وم ومد: الجنات.