بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ} (37)

فأخبرهم الله تعالى أن أموالهم لا تنفعهم يوم القيامة ، فقال عز وجل : { وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتي تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زلفى } يعني : قربة . ومعناه : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا ولو كان على سبيل الجمع لقال بالذين يقربونكم ، لأن الحكم للآدميين إذا اجتمع معهم غيرهم . ثم قال : { إلا من آمن } يعني : إلا من صدق الله ورسوله { وَعَمِلَ صالحا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضعف بِمَا عَمِلُواْ } يعني : للواحد عشرة إلى سبعمائة وإلى ما لا يحصى . وقال القتبي : أراد بالضعف التضعيف أي : لهم جزاء وزيادة . قال : ويحتمل { جَزَاء الضعف } أي : جزاء الأضعاف كقوله : { قَالَ ادخلوا في أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الجن والإنس في النار كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حتى إِذَا اداركوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهم رَبَّنَا هؤلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النار قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ] أي : مضافاً .

وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : إن الغني إذا كان تقياً ، يضاعف الله له الأجر مرتين ، ثم قرأ هذه الآية . { وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم } إلى قوله : { فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضعف } يعني : أجره مِثْلَيْ ما يكون لغيره . ويقال : هذا لجميع من عمل صالحاً { وَهُمْ في الغرفات آمِنُونَ } قرأ حمزة : { وَهُمْ في الغرفة } . وقرأ الباقون : { وَهُمْ في الغرفات } والغرفة في اللغة كل بناء يكون علواً فوق سفل ، وجمعه غرف وغرفات . ومعناه : وهم في الجنة آمنون من الموت ، والهرم ، والأمراض ، والعدو وغير ذلك من الآفات .