{ منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين } .
منيبين إليه : راجعين إليه بالتوبة والإخلاص من أناب إذا رجع مرة بعد أخرى .
سبق أن أمر الله نبيه ومن آمن به بالتوجه لهذا الدين ، وإخلاص العبادة لله وحده ، فهو دين الفطرة ، ولما كان الخطاب للنبي وأمته ، أو من آمن به ، أو لكل من يتأتى منه الخطاب ، جاءت هذه الآية بلفظ الجمع .
أي أقيموا وجوهكم- أيها الناس- لخالقكم وحده ، حال كونكم راجعين إليه بالتوبة والإنابة المتكررة ، مقبلين عليه بالاستغفار والتوبة ، متقين له في كل أحوالكم .
داوموا على الصلاة في خشوع واطمئنان .
الذين يقصدون الرياء والسمعة ، أو يعبدون معه الملائكة أو الجن ، أو البقر أو الشجر ، أو الملوك أو غير ذلك ، بل أخلصوا له العبادة وحده سبحانه ، لأن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص له وحده .
قوله تعالى : " منيبين إليه " اختلف في معناه ، فقيل : راجعين إليه بالتوبة والإخلاص . وقال يحيى بن سلام والفراء : مقبلين إليه . وقال عبد الرحمن بن زيد : مطيعين له . وقيل تائبين إليه من الذنوب{[12500]} ، ومنه قول أبي قيس بن الأسلت :
فإن تابوا فإنَّ بنِي سليم *** وقومهم هوازن قد أنابوا
والمعنى واحد ، فإن " ناب وتاب وثاب وآب " معناه الرجوع . قال الماوردي : وفي أصل الإنابة قولان : أحدهما : أن أصله القطع ، ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع ، فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عز وجل بالطاعة . الثاني : أصله الرجوع ، مأخوذ{[12501]} من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد أخرى ، ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة . الجوهري : وأناب إلى الله أقبل وتاب . والنوبة واحدة النوب ، تقول : جاءت نوبتك ونيابتك ، وهم يتناوبون النوبة فيما بينهم في الماء وغيره . وانتصب على الحال . قال محمد بن يزيد : لأن معنى : " أقم وجهك " فأقيموا وجوهكم منيبين . وقال الفراء : المعنى فأقم وجهك ومن معك منيبين . وقيل : انتصب على القطع ، أي فأقم وجهك أنت وأمتك المنيبين إليه ؛ لأن الأمر له ، أمر لأمته ؛ فحسن أن يقول منيبين إليه ، وقد قال الله تعالى : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " {[12502]} [ الطلاق : 1 ] . " واتقوه " أي خافوه وامتثلوا ما أمركم به . " وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين " بين أن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص ؛ فلذلك قال : " ولا تكونوا من المشركين " {[12503]} وقد مضى هذا مبينا " في النساء{[12504]} والكهف " وغيرهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.