تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

20

{ ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون }

المفردات :

ان تقوم السماء والأرض بأمره : أن توجد في الفضاء بقدرته وتدبيره .

تخرجون : تفاجأون بالخروج من قبوركم تلبية لنداء الله .

التفسير :

ومن دلائل قدرته قيام السماء وارتفاعها في الفضاء بنظام دقيق وقيام الأرض مبسوطة وفوقها الجبال والهواء بأمر الله وقدرته .

فهو الذي خلق هذا الكون وسخره وأبدع نظامه ، والكون كله خاضع لله خضوع القهر والغلبة ، وكذلك السماء والأرض .

قال تعالى : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين*فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم } . ( فصلت : 11-12 ) .

وقال تعالى : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا . . . } ( فاطر : 41 ) .

{ ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } .

أي بيد الله البعث والحشر والحساب والجزاء فإذا انتهى أمر الدنيا أمر الله القبور أن تلقى من فيها وأمر الروح أن تعود للأجسام وحشر الخلائق أجمعون .

قال تعالى : { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا } . ( الكهف : 47 ) .

وقال تعالى : { يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا } . ( الإسراء : 52 ) .

وقال تعالى : { إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون } . ( يس : 53 ) .

***

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

قوله تعالى : { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } قال ابن مسعود : قامتا على غير عمد بأمره . وقيل : يدوم قيامهما بأمره ، { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض } قال ابن عباس : من القبور ، { إذا أنتم تخرجون } منها ، وأكثر العلماء على أن معنى الآية : ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

" ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره " " أن " في محل رفع كما تقدم ، أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد . وقيل : بتدبيره وحكمته . أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق . وقيل : " بأمره " بإذنه . والمعنى واحد . " ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم من قبوركم . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث . كما يجيب الداعي المطاع مدعوه . كما قال القائل :

دعوت كليبا باسمه فكأنما *** دعوتُ برأس الطَّوْدِ أو هو أسرعُ{[12465]}

يريد برأس الطود : الصدى أو الحجر إذا تدهده . وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض ب " ثم " لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يأهل القبور قوموا . فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر . كما قال تعالى : " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " {[12466]} [ الزمر : 68 ] . " وإذا " الأولى في قوله تعالى : " إذا دعاكم " للشرط ، والثانية في قوله تعالى : " إذا أنتم " للمفاجأة . وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وأجمع القراء على فتح التاء هنا في " تخرجون " . واختلفوا في التي في " الأعراف " فقرأ أهل المدينة : " ومنها تخرجون " {[12467]} [ الأعراف : 25 ] بضم التاء ، وقرأ أهل العراق : بالفتح ، وإليه يميل أبو عبيد . والمعنيان متقاربان ، إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام ، فنسق الكلام في التي في " الأعراف " بالضم أشبه . إذ كان الموت ليس من فعلهم ، وكذا الإخراج . والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام . أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم . فالفعل بهم{[12468]} أشبه . وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل النفخة الآخرة ، على ما تقدم ويأتي . وقرئ " تخرجون " بضم التاء وفتحها ، ذكره الزمخشري ولم يزد على هذا شيئا ، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق ، والله أعلم .


[12465]:رواية البيت كما في اللسان: دعوت جليدا دعوة فكأنما *** دعوت به ابن الطود أو هو أسرع قال: وابن الطود: الجلمود الذي يتدهدى من الطود. والطود: الجبل العظيم.. وتدهده الحجر: تدحرج. في كتاب ما يعول عليه: دعوت خليدا...بالخاء المعجمة.
[12466]:راجع ج 15 ص 279.
[12467]:راجع ج 7 ص 181 فما بعد.
[12468]:زيادة عن إعراب القرآن للنحاس.