تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

المفردات :

يا حسرة : الحسرة : الغم والنَّدم .

التفسير :

30 { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

الحسرة انفعال نفسي على حال مؤسفة ، لا يملك الإنسان شيئا حيالها ، سوى أن يتحسر وتألم نفسه ، والله سبحانه وتعالى لا يتحسر على العباد ، ولكنه يقرر أن حال هؤلاء العباد مما يستحق حسرة المتحسرين ، فهي حال بائسة مؤسفة ، تنتهي بأصحابها إلى شر وخيم وبلاء عظيم .

قال الزمخشري :

قوله : { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ } . نداء للحسرة عليهم . كأنما قيل لها : تعالى يا حسرة ، فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها ، وهي حال استهزائهم بالرسل .

والمعنى : أنهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون ، ويتلهف عليهم المتلهفون . ا ه .

فما أعظم الحسرة عليهم : تتاح لهم فرصة النجاة فيعرضون عنها ، وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم لا يتدبّرونها ، ولا ينتفعون بها ، ويفتح الله لهم أبواب رحمته ، بإرسال الرسل إليهم الحين بعد الحين ، ولكنهم يتجافون أبواب الرحمة ، ويسيئون الأدب مع الله .

قال الراغب : الحسرة : الغمّ على ما فات ، والندم عليه ، والمراد بالعباد : مكذبو الرسل ، ويدخل فيهم المهلكون المتقدمون دخولا أوليا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

قوله تعالى : { يا حسرةً على العباد } قال عكرمة : يعني يا حسرتهم على أنفسهم ، والحسرة : شدة الندامة ، وفيه قولان : أحدهما : يقول الله تعالى يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل . والآخر : أنه من قول الهالكين . قال أبو العالية : لما عاينوا العذاب قالوا : يا حسرة أي : ندامة على العباد ، يعني : على الرسل الثلاثة حيث لم يؤمنوا بهم ، فتمنوا الإيمان حين لم ينفعهم . قال الأزهري : الحسرة لا تدعى ، ودعاؤها تنبيه المخاطبين . وقيل : العرب تقول : يا حسرتي ! ويا عجباً ! على طريق المبالغة ، والنداء عندهم بمعنى التنبيه ، فكأنه يقول : أيها العجب هذا وقتك ؟ وأيتها الحسرة هذا أوانك ؟ حقيقة المعنى : أن هذا زمان الحسرة والتعجب . { ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون* }