إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَٰحَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (30)

{ يا حسرة عَلَى العباد } : تعالى فهذه من الأحوالِ التي حقُّها أنْ تحضرِي فيها ، وهي ما دلُّ عليه قولُه تعالى : { مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئونَ } فإنَّ المستهزئينَ بالنَّاصحينَ الذين نيطت بنصائِحهم سعادةُ الدَّارينِ أحقَّاءُ بأنْ يتحسَّروا ويتحسَّرُ عليهم المتحسِّرون أو قد تلهَّفَ على حالهم الملائكةُ والمؤمنون من الثَّقلينِ . وقد جُوِّز أنْ يكون تحسُّراً عليهم من جهةِ الله تعالى بطريق الاستعارةِ لتعظيم ما جنَّدوه على أنفسِهم . ويؤيِّده قراءةُ يَا حسرتَا ؛لأنَّ المعنى يا حسرتِي ونصبُها لطولِها بما تعلَّق بها من الجارِّ وقيل : بإضمارِ فعلِها ، والمنادى محذوفٌ وقرئ يا حسرةَ العبادِ بالإضافةِ إلى الفاعلِ أو المفعولِ ويا حسرة على العبادِ بإجراءِ الوصلِ مجرى الوقفِ .