{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 24 ) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ( 25 ) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ( 26 ) }
يختم على قلبك : يربط عليه بالصبر ، وقيل : إن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك ، لتجترئ بالافتراء عليه ، فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على الله إلا من كان في مثل حالهم ، وهذه الجملة أبعد في نفي الافتراء عنه ، لأن من افترى ختم الله على قلبه ، ومحمد صلى الله عليه وسلم يتفضل الله عليه بالوحي صباح مساء ، وقيل : يطمس عليه وينسيه فلا يعي .
ذات الصدور : حقائقها ودخائلها ، فالله سبحانه مطلع على الخفايا ، لا يخفى عليه شيء ، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه .
24- { أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور } .
هنا يناقش الكفار في أقوالهم فقد ادعوا أن محمدا يفتري على الله الكذب ، حيث ينسب القرآن إلى الله مفتريا ، وهنا يجيبهم القرآن بأن محمدا لو افترى على الله الكذب لختم على قلبه ، ومنعه من القدرة على التحدث بالوحي صباح مساء .
وبما أن الوحي مستمر وعناية الله به مستمرة ، فذلك أظهر دليل على أن محمدا صادق غير مفتر .
وهذا كقوله جل وعلا : { ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين } . ( الحاقة : 44-46 ) .
والآية استشهاد على بطلان ما قالوا ، ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله لمنعه من ذلك قطعا بالختم على قلبه ، بحيث لا يخطر بباله معنى من معانيه ، ولم ينطق بحرف من حروفه .
وقيل : معنى : { فإن يشأ الله يختم على قلبك . . . }
أي : يلهمك الصبر والاحتمال واليقين والهدوء .
{ ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته . . . }
ومن سنة الله أن يزيل الباطل فهو يمهل ولا يهمل ، ومن سنة الله أن يثبت الحق ببراهينه وآياته .
قال تعالى : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق . . . } ( الأنبياء : 18 ) .
إنه سبحانه مطلع على خفايا القلوب ، فهو يعلم السر وأخفى .
وقال القرطبي : والمراد أنك لو حدثت نفسك أن تفتري الكذب ، لعلمه الله وطبع على قلبك .
{ أم يقولون افترى على الله كذبا } : أي أيقول هؤلاء المشركون إن محمداً افترى على الله كذباً فنسب إليه القرآن وهو ليس بكلامه ولا بوحيه .
{ فان يشاء الله يختم على قلبك } : أي إن يشأ الله تعالى يطبع على قلبك وينسيك القرآن أن الله قادر على أن يمنعك من الافتراء عليه كما زعم المشركون .
{ ويمحو الله الباطل ويحق الحق } : أي إن من شأن الله تعالى أنه يمحو الباطل .
{ بكلماته } : أي بالآيات القرآنية وقد محا الباطل وأحق الحق بالقرآن .
وقوله : { أم يقولون افترى على الله كذبا } أي بل يقولون افترى على الله كذباً أي يقول المشركون إن محمداً افترى على الله كذبا فادعى أن القرآن من كلام الله ووحيه وما هو إلا افتراء افتراه على الله . فأبطل الله تعالى هذه الدعوة وقال : { فإن يشأ الله يختم على قلبك } أي يطبع على قلبك فتنسى القرآن ولا تقدر على قوله والنطق به ، فكيف إذا يقال إنه يفترى على الله كذباً والله قادر على منعه والإِحالة بينه وبين ما يقوله . وقوله : { ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور } هذا شأنه تعالى يمحو الباطل ويحق الحق بالقرآن وقد فعل فَمَحَا الباطل وأحق الحق فما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الجزيرة من يعبد غير الله تعالى . وقوله { إنه عليم بذات الصدور } فلواسع علمه وعظيم قدرته محا الباطل وأحق الحق بالقرآن ولو كان القرآن مفترى ما محا باطلاً ولا أحق حقاً .
- تبرئة الرسول صلى الله عليه وسلم من الافتراء على الله عز وجل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.