تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

25

المفردات :

وصدوكم : ومنعوكم من الوصول إليه .

والهدى : وصدوا عن الهدى ، وهو ما يقدم قربانا لله حين أداء مناسك الحج أو العمرة .

معكوفا : محبوسا عن الوصول إلى الحرم .

محله : المكان الذي يسوغ فيه نحره وهو منى .

تطؤوهم : تدوسوهم بأقدامكم ، والمراد أن تبيدوهم وتهلكوهم .

معرة : المكروه والمشقة .

التنزيل : التفرق والتميز .

التفسير :

25- { هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله . . . }

هم أهل مكة الذين كفروا بالله وبرسوله ، ومنعوكم من دخول المسجد الحرام معتمرين مسالمين ، ومنعوا الهدي من الإبل والبقرة والغنم أن يتقدم إلى منى ليذبح ، فلما أحضر المسلمون عند الحديبية ذبحوا الهدي في الحديبية ، وكان المسلمون قد ساقوا بين أيديهم سبعين بدنة ، وذبحوا البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة -كما ورد في صحيح مسلم- وتحلل النبي صلى الله عليه وسلم من إحرامه وذبح بدنة .

روى البخاري ، عن ابن عمر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرين ، فحال كفار قريش دون البيت ، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنة وحلق رأسه .

{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم . . . }

كان هناك في مكة ثلاثة رجال وتسع نسوة يخفون إيمانهم خوفا من أهل مكة ، ولو حدث قتال لوطئهم المسلمون ، أي قتلوهم خطأ بدون عمد .

ومعنى الآية :

لولا وجود هؤلاء الذين يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم -وهم بين أهل مكة- لسلطانكم عليهم فقتلتموهم ، ولو قاتلتم أهل مكة وانتصرتم عليهم ، لقتل قوم من ضعفاء المؤمنين والمؤمنات ، أنتم لا تعرفونهم حين تقتلونهم ، ثم تتألمون وتحزنون بعد قتلهم ، وتصيبكم معرة ألم ، وربما تجرأ الكفار وقالوا لكم : قتلتم إخوانكم المسلمين بأيديكم ، لهذه الاعتبارات يسر الله أمر الصالح مع أهل مكة .

{ ليدخل الله في رحمته من يشاء . . . }

ليحفظ هؤلاء الضعفاء من المؤمنين بفضله ورحمته ، أو ليدخل في دين الإسلام من أراد الله هدايته قبل فتح مكة .

{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما . . . }

لو تميز الكفار من المؤمنين المقيمين بين أظهرهم ، لنصرناكم على الكافرين من أهل مكة ، وقهرناهم بالسبى والقتل ، وغير ذلك من ضروب التنكيل الشديد ، والإيلام العظيم .

/خ26

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

{ هم الذين كفروا } يعني : أهل مكة .

{ وصدوكم عن المسجد الحرام } يعني : أنهم منعوهم عن العمرة بالمسجد الحرام عام الحديبية . { والهدى معكوفا أن يبلغ محله } الهدى ما يهدي إلى البيت من الأنعام ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ساق حينئذ مائة بدنة ، وقيل : سبعين ليهديها ، والمعكوف المحبوس ومحله موضع نحره يعني مكة والبيت وإعراب { الهدى } عطف على الضمير المفعول في صدوركم و{ معكوفا } حال من الهدى ، وأن يبلغ مفعول بالكف فالمعنى صدوكم عن المسجد الحرام ، وصدوا الهدى عن أن يبلغ محله والعكف المذكور يعني به منع المشركين للهدى عن بلوغ مكة أو حبس المسلمين بالهدى بينما ينظرون في أمورهم .

{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم } الآية : تعليل لصرف الله المؤمنين عن استئصال أهل مكة بالقتل ، وذلك أنه كان بمكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يخفون إيمانهم فلو سلط الله المسلمين على أهل مكة ، لقتلوا أولئك المؤمنين وهم لا يعرفونهم ، ولكن كفهم رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهرهم ، وجواب لولا محذوف تقديره لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لسلطناكم عليهم .

{ أن تطؤهم } في موضع بدل من رجال ونساء أو بدل من الضمير المفعول في لم تعلموهم والوطء هنا الإهلاك بالسيف وغيره .

{ فتصيبكم منهم معرة } أي : تصيبكم من قتلهم مشقة وكراهة ، واختلف هل يعني الإثم في قتلهم أو الدية أو الكفارة أو الملامة أو عيب الكفار لهم بأن يقولوا قتلوا أهل دينهم أو تألم نفوسهم من قتل المؤمنين وهذا أظهر لأن قتل المؤمن الذي لا يعلم إيمانه وهو بين أهل الحرب لا إثم فيه ولا دية ، ولا ملامة ، ولا عيب .

{ ليدخل الله في رحمته من يشاء } يعني : رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهر الكفار بأن كف سيوف المسلمين عن الكفار من أجلهم أو رحمة لمن شاء من الكفار بأن يسلموا بعد ذلك واللام تتعلق بمحذوف يدل عليه سياق الكلام تقديره كان كف القتل عن أهل مكة ليدخل الله في رحمته من يشاء .

{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا } معنى : تزيلوا تميزوا عن الكفار والضمير للمؤمنين المستورين الإيمان أي : لو انفصلوا عن الكفار لعذبنا الكفار فقوله : { لعذبنا } جواب لو الثانية وجواب الأولى محذوف كما ذكرنا ويحتمل أن يكون لعذبنا جواب لو الأولى وكررت لو الثانية تأكيدا .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

{ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما }

{ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } أي عن الوصول إليه { والهدي } معطوف على كم { معكوفاً } محبوساً حال { أن يبلغ محله } أي مكانه الذي ينحر فيه عادة وهو الحرم بدل اشتمال { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } موجودون بمكة مع الكفار { لم تعلموهم } بصفة الإيمان { أن تطؤوهم } أي تقتلوهم مع الكفار لو أذن لكم في الفتح بدل اشتمال من هم { فتصيبكم منهم معرة } أي إثم { بغير علم } منكم به وضمائر الغيبة للصنفين بتغليب الذكور ، وجواب لولا محذوف ، أي لأذن لكم في الفتح لكن لم يؤذن فيه حينئذ { ليدخل الله في رحمنه من يشاء } كالمؤمنين المذكورين { لو تزيَّلوا } تميزوا عن الكفار { لعذَّبنا الذين كفروا منهم } من أهل مكة حينئذ بأن فأذن لكم في فتحا { عذاباً أليماً } مؤلماً .