تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۚ يَخۡلُقُكُمۡ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ خَلۡقٗا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ} (6)

المفردات :

ثم جعل منها زوجها : حوّاء .

ثمانية أزواج : الإبل والبقر والغنم والمعز ، ولكل واحد من الأربعة ذكر وأنثى .

في ظلمات ثلاث : ظلمة البطن ، والرحم ، والمشيمة .

التفسير :

3- { خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذالكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون } .

خلقكم من نفس واحدة ، هي آدم عليه السلام ، وخلق من آدم حواء من قصيراه .

قال تعالى : { يا أبها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء . . . } ( النساء : 1 )

وخلق الله لنا من الأنعام ثمانية أزواج ، هي الإبل ، والبقر ، والغنم ، والماعز ، وخلق من كل صنف ذكرا وأنثى ، فالجمل والناقة ، والثور والبقرة ، والكبش والنعجة ، والتيس والمعزة .

{ يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث . . . }

يخلق الإنسان والحيوان في بطن الأمهات ، خلقا متدرجا متطورا من حال إلى حال ، أي : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاما ، ثم يكسو العظام لحما ، فإذا هو إنسان كامل .

{ في ظلمات ثلاث . . . }

هي : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، ثلاث أغشية يحفظ الله فيها الجنين ، حيث يكون في قرار مكين ، مستقرا في غشاء يحميه ويحافظ عليه ، حتى يتم الخلق وينزل وليدا إلى الحياة .

وبعد أن قدّم أدلة على الألوهية والوحدانية ، والقدرة البالغة ، والإدارة النافذة في خلق الكون وخلق الإنسان والحيوان ، أتبع ذلك بفذلكة أو نتيجة فقال : { ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون } .

هذا الإله القادر الخالق ، المبدع للكون والإنسان والحيوان ، هو الله ربكم وخالقكم ومالك الملك والمتصرف فيه ، خلقا وإيجادا ورعاية وحفظا ، لا إله سواه ، ولا شريك له ولا ندّ له ولا مثيل .

{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } . ( الشورى : 11 ) .

فكيف تصرفون عن طاعته وعبادته إلى طاعة الشيطان ، أو الكفر وعبادة الأوثان .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۚ يَخۡلُقُكُمۡ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ خَلۡقٗا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ} (6)

{ خلقكم من نفس واحدة } : يعني آدم عليه السلام .

{ ثم جعل منها زوجها } : يعني حواء خلقها من ضلع آدم ، فإن قيل : كيف عطف قوله : { ثم جعل } على خلقكم بثم التي تقتضي الترتيب والمهلة ولا شك أن خلقة حواء كانت قبل خلقة بني آدم ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه :

الأول : وهو المختار أن العطف إنما هو على معنى قوله : { واحدة } لا على خلقكم كأنه قال : خلقكم من نفس كانت واحدة ثم خلق منها زوجها بعد وحدتها .

الثاني : أن ثم لترتيب الأخبار لا لترتيب الوجود .

الثالث : أنه يعني بقوله : { خلقكم } إخراج بني آدم من صلب أبيهم كالذر وذلك كله كان قبل خلقه حواء .

{ وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } : يعني المذكورة في الأنعام من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين وسماها أزواجا لأن الذكر زوج الأنثى والأنثى زوج الذكر وأما { أنزل } ففيه ثلاثة أوجه :

الأول : أن الله خلق أول هذه الأزواج في السماء ثم أنزلها .

الثاني : أن معنى أنزل قضى وقسم ، فالإنزال عبارة عن نزول أمره وقضائه .

الثالث : أنه أنزل المطر الذي ينبت به النبات فتعيش منه هذه الأنعام فعبر بإنزالها عن إنزال أرزاقها وهذا بعيد .

{ خلقا من بعد خلق } : يعني أن الإنسان يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن يتم خلقه ثم ينفخ فيه الروح .

{ في ظلمات ثلاث } هي البطن والرحم والمشيمة ، وقيل : صلب الأب والرحم والمشيمة والأول أرجح لقوله : { بطون أمهاتكم } ولم يذكر الصلب .