فصل لربك : فاعبد ربك الذي أعزّك وشرفك .
وانحر : لوجهه وباسمه إذا نحرت ، مخالفا لعبدة الأوثان .
اجعل صلاتك خالصة لوجه الله ، واجعل نحرك الإبل لله وحده .
كما قال سبحانه وتعالى : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . ( الأنعام : 162 ) .
وقد كان المشركون يصلون في البيت الحرام بالتصفيق ، ويذبحون ذبائحهم للأصنام ، فأمره الله تعالى وأمرنا أن تكون صلاتنا خالصة لله ، وأن تكون ذبائحنا لله وحده لا شريك له .
{ فصل لربك وانحر } أي وإذ أعطاك الله ما لم يعط أحدا من العالمين ، فدم على جعل صلاتك كلها لربك خالصا لوجهه دون ما سواه من الأنداد والآلهة ، ونحرك البدن التي هي خيار الأموال له تعالى دون الأوثان ؛ شكرا له تعالى على ما أعطاك من الكرامة ، وخصك به من الخير الكثير ؛ خلافا لما يفعله من كفر بالله من عبادة غيره والنحر للأوثان . والمراد : النحر للنسك في يوم الأضحى . وعن ابن عباس تفسير " وانحر " باستقبل القبلة في الصلاة بنحرك . وروي تفسيرها بارفع يديك إذا كبرت في الصلاة إلى نحرك .
ولما ذكر منته عليه ، أمره بشكرها فقال : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } خص هاتين العبادتين بالذكر ؛ لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات .
ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [ في ] القلب والجوارح لله ، وتنقلها في أنواع العبودية ، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر ، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به .
ولما أعطاه ما فرغه به للعبادة ، وأكسبه غنى لا حاجة معه ، سبب عنه قوله آمراً بما هو جامع لمجامع الشكر : { فصل } أي بقطع العلائق من الخلائق بالوقوف بين يدي الله في حضرة المراقبة شكراً لإحسان المنعم ، خلافاً للساهي عنها ، والمرائي فيها .
ولما أتى بمظهر العظمة لتكثير العطاء فتسبب عنه الأمر بما للملك من العلو ، وكان أمره صلى الله عليه وسلم تكوينياً لا إباء معه ، وقع الالتفات إلى صفة الإحسان المقتضي للترغيب والإقبال لما يفيد من التحبيب ، مع التصريح بالتوحيد ، وإفادة أن العبادة لا تقع إلا شكراً ، فقال تعالى : { لربك } أي المحسن إليك بذلك سراً وعلناً مراغماً من شئت ، فلا سبيل لأحد عليك { وانحر * } أي أنفق له الكوثر من المال على المحاويج خلافاً لم يدعهم ويمنعهم الماعون ؛ لأن النحر أفضل نفقات العرب ؛ لأن الجزور الواحد يغني مائة مسكين ، وإذا أطلق العرب المال انصرف إلى الإبل ، ولذا عبر عن هذا المراد بالنحر ليفهم الزجر عما كانوا يفعلونه من الذبح للأوثان ، ومن معناه أيضاً أظهر الذل والمسكنة والخشوع في الصلاة بوضع اليمنى على اليسرى تحت النحر هيئة الذليل الخاضع ، وقد قابل في هذا أربعاً من سورة الدين بأربع ، وهي البخل بالإعطاء ، وإضاعة الصلاة بالأمر بها ، والرياء بالتخصيص بالرب ، ومنع الزكاة بالنحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.