4- الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
إن الله رب البيت العتيق ، هو الذي أطعمهم من جوع ، فيسّر لهم التجارة الرابحة التي تجوب البلاد إلى الشام صيفا ، وإلى اليمن شتاء ، فزادت ثروتهم ، وكانت مكة من البلاد الغنيّة بسبب التجارة ، وبسبب محافظة الناس على تجارة قريش وأهل مكة .
حيث ردّ أصحاب الفيل وأهلك جيشهم ، وجعل البيت الحرام منطقة أمان يقام عندها الحج ، ويؤدي الناس المناسك والعبادة .
قال تعالى : جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس . . . ( المائدة : 97 ) .
أي : يقوم عندها أمر الدين ، وتتم عندها وحولها مناسك الحج والعمرة .
لتتجه قريش بعبادتها إلى الله وحده ، الذي أنعم عليها بنعم عديدة ، يكفي أن يكون من بينها رحلة الشتاء والصيف ، وليشكروا الله الذي يسر لهم الرزق والأقوات ، كما جعلهم في أمن بسبب البيت الحرام .
قال تعالى : ومن دخله كان آمنا . . . ( آل عمران : 97 ) .
ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة ، ومن عصاه سلبهما منه .
وضرب الله مثلا قرية آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون* ولقد جاءهم رسول منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمونii . ( النحل : 112 ، 113 ) .
( تم بحمد الله تعالى وتوفيقه تفسير سورة قريش )
ii مختصر تفسير ابن كثير المجلد الثالث 670 . تحقيق محمد علي الصابوني دار القرآن الكريم دمشق .
{ الذي أطعمهم من جوع } شديد كانوا فيه من قبل ؛ فشبعوا بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيران البيت المعظم . { وآمنهم من خوف } عظيم ، وهو خوف التخطف في بلدهم بدعوة إبراهيم عليه السلام ؛ إذ قال : { رب اجعل هذا بلدا آمنا }{[414]} . أو في أسفارهم حيثما ارتحلوا . أو خوف أصحاب الفيل . والله أعلم .
{ أطعمهم من جوع } : وسّع عليهم الرزق .
{ آمنهم من خوف } : جعلهم في أمنٍ من التعدّي عليهم .
والواقع أن من أكبرِ النعم على الإنسان وجودَه في بلده آمنا رزقُه مكفولٌ ميسَّر . وهكذا ، فإن السورةَ الكريمة تجمع أهم ما يطلبه الإنسان وهو الأمن والشِبَع والاستقرار .
وفي الحديث الشريف : « من أصبح منكم آمناً في سِربه ، معافىً في جسَده ، وعنده قوتُ يومه ، فكأنما حِيزَتْ له الدّنيا » ، رواه البخاري في الأدب المفرد ، والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن محصن الأنصاري أبي عمرو .
ومعنى آمناً في سِربه : أمينا على نفسِه ، مطمئن البال في حَرَمه وأهله .
وقد كانت قريش أولَ أمرها متفرقة حول مكة ، فوحّدها قُصَيُّ قبل ظهور الإسلام بنحو مائة سنة ، وأسكنها مكة ، ونظّم شؤونها ، ووضع أساسَ سيادتها الدينية والسياسية ، وأسَّس دارَ الندوة حيث كان يجتمع أعيانُ قريش للتشاور في أمور السلم والحرب ، وإنجازِ معاملاتهم .
وتنقسم قريش إلى قريش البِطاح ، وهي التي تسكن مكة وتضم بطون : هاشم ، وأميّة ، ونوفل ، وزهرة ، ومخزومِ ، وأسَد ، وجُمَح ، وسَهْم ، و تَيْم ، وعَدِي .
وقريش الظواهر : وكانوا خليطاً من العوام والأحابيش والموالي ، يسكنون ضواحي مكةَ ، وفي شِعاب التلال المجاورة لها .
وكانت قريش البِطاح تؤلف ارستقراطيةَ مكة ، وتهيمن على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أواسط بلاد العرب وغربها . وكانت لهم تجارةٌ واسعة كما تقدّم . وبفضل تعظيم العرب للكعبة ، وحجِّهم إليها ، اكتسبت قريش فوائدَ اقتصادية ونفوذاً روحياً وسياسياً بين القبائل ، كما اشتهر القرشيون بفصاحتهم . ولهجةُ قريش هي الفصحى التي سادت أكثرَ أنحاءِ شبه الجزيرة العربية في الجاهلية ، وبها نزل القرآن الكريم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.