توليتم : توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم ، أن تعودوا إلى أفعال الجاهلية ، من قطع الأرحام ، والإفساد في الأرض ، أو إن توليتم وأعرضتم عن هدى القرآن ، أن تعودوا كفارا تقطعون الرحم وتفسدون في الأرض .
22- { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } .
جدير بكم إذا أعرضتم عن الجهاد ، وعن تنفيذ أوامر الله ، أن تعودوا كما كنتم في الجاهلية ، تفسدون في الأرض بالنهب والغارة ، وتقطعون الرحم التي أمر الله بصلتها ، فالآية تهديد ووعيد للمنافقين ، وبيان لهم بأن ترك الالتزام بأمر الله وتوجيه رسوله من شأنه أن يشيع الفرقة والتنازع بين المنافقين والأمة المسلمة ، فيعود المجتمع في المدينة إلى حالة من الفوضى ، ينتشر فيها القتل وسفك الدماء والفساد في الأرض ، وتقطيع الأرحام بين أفراد الأمة الواحدة ، أو بين القريب والقريب ، حيث يتقاتل المنافقون مع المؤمنين .
وجوز بعض المفسرين أن يكون المعنى في هذه الآية كما يأتي :
فهل عسيتم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم ، أن تفسدوا في الأرض ، وترجعوا إلى التناهب والقتل ، وقطع الأرحام ، ووأد البنات كما كنتم في الجاهلية ، وتخصيص الأرحام بالذكر تأكيد لحقها ، وتحذير للناس من قطع الرحم .
قال تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام . . . } ( النساء : 1 ) .
الأولى- قوله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض " اختلف في معنى " إن توليتم " فقيل : هو من الولاية . قال أبو العالية : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجُعِلتم حكاما أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا . وقال الكلبي : أي فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم . وقال ابن جريج : المعنى فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام . وقال كعب : المعنى فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يقتل بعضكم بعضا . وقيل : من الإعراض عن الشيء . قال قتادة : أي فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام ، وتقطعوا أرحامكم . وقيل : " فهل عسيتم " أي فلعلكم إن أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه أن تفسدوا في الأرض فتعودوا إلى جاهليتكم . وقرئ بفتح السين وكسرها . وقد مضى في " البقرة " القول فيه مستوفى{[13941]} . وقال بكر المزني : إنها نزلت في الحرورية والخوارج ، وفيه بعد . والأظهر أنه إنما عني بها المنافقون . وقال ابن حيان : قريش . ونحوه قال المسيب بن شريك والفراء ، قالا : نزلت في بني أمية وبني هاشم ، ودليل هذا التأويل ما روى عبد الله بن مغفل قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض - ثم قال - هم هذا الحي من قريش أخذ الله عليهم إن ولوا الناس ألا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم ) . وقرأ علي بن أبي طالب " إن توليتم أن تفسدوا في الأرض " بضم التاء والواو وكسر اللام . وهي قراءة ابن أبي إسحاق ، ورواها رويس عن يعقوب . يقول : إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة وحاربتموهم .
قوله تعالى : " وتقطعوا أرحامكم " بالبغي والظلم والقتل . وقرأ يعقوب وسلام وعيسى وأبو حاتم " وتقطعوا " بفتح التاء وتخفيف القاف ، من القطع ، اعتبارا بقوله تعالى : " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " {[13942]} [ البقرة : 27 ] . وروى هذه القراءة هارون عن أبى عمرو . وقرأ الحسن " وتقطعوا " مفتوحة الحروف مشددة ، اعتبارا بقوله تعالى : " وتقطعوا أمرهم بينهم " {[13943]} [ الأنبياء : 93 ] . الباقون " وتقطعوا " بضم التاء مشددة الطاء ، من التقطيع على التكثير ، وهو اختيار أبي عبيد . وتقدم ذكر " عسيتم " [ البقرة : 246 ] في ( البقرة ){[13944]} . وقال الزجاج في قراءة نافع : لو جاز هذا لجاز " عيسى " بالكسر . قال الجوهري : ويقال عسيت أن أفعل ذلك ، وعسيت بالكسر . وقرئ " فهل عسيتم " بالكسر .
قلت : ويدل قوله هذا على أنهما لغتان . وقد مضى القول فيه في " البقرة " مستوفى{[13945]} .
قوله : { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } اختلف المفسرون في تأويل هذه الآية . فقد قيل : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم ؟ أو فهل عسيتم إن توليتم الحكم فكنتم حكاما أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا ؟ وقيل : فهل عسيتم إن توليتم عن الجهاد وأعرضتم عن طاعة ربكم أن تعودوا إلى ما كنتم عليه في جاهليتكم من الإفساد في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام وقتل بعضكم بعضا ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.