تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

دعاء الإنسان ربه عند الشدائد ، وجحوده عند النعمة .

{ فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون ( 49 ) قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ( 50 ) فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ( 51 ) أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 52 )* }

المفردات :

مس : أصاب وتمكن .

خولناه : أعطيناه وملكناه تفضلا .

على علم : على معرفة بوجوه الكسب ، أو على استحقاق وجدارة بما عندي من العلم .

فتنة : محنة وابتلاء .

49

التفسير :

49-{ فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون } .

هذه الآية معطوفة على ما سبقها أو هي متفرعة عنها ، وقد كان صدر المجموعة السابقة من الآيات قوله تعالى :

{ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذ هم يستبشرون } . ( الزمر : 45 ) .

وهنا يتحدث عن نتيجة مترتبة على ما سبق ، وهي أن هذا الإنسان الكافر أو الإنسان عموما ، إذا أصابه ضرّ أو مرض أو محنة أو فقر ؛ أخلص الدعاء لله تعالى أن يزيح عنه الضر أو البلاء ، ثم إذا تفضل الله عليه بكشف الضر أو دفع البلاء ، أو الغنى بعد الفقر ، أو الشفاء بعد المرض ، نسب هذا الفضل إلى نفسه ، وادعى أن هذه النعمة أو الغنى أو الصحة إنما جاءت بسبب معرفته ، واجتهاده في تثمير المال ، أو الذهاب إلى الطبيب ، أو خبرته في جلب النعم ودفع النقم ، وما علم هذا الإنسان أنّ حضور النّعم ودفع النقم امتحان واختبار وابتلاء من الله .

{ ولكن أكثرهم لا يعلمون } .

أي : أكثر كفار مكة ، أو أكثر البشر لا يعلمون أن ما يجري عليهم من النعم اختبار من الله ، يتمحص به الشاكر والكافر ، والحامد والجاحد ، أو لا يعلمون سُبل الخلاص ووسائل النجاة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

{ 49 - 52 } { فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

يخبر تعالى عن حالة الإنسان وطبيعته ، أنه حين يمسه ضر ، من مرض أو شدة أو كرب . { دَعَانَا } ملحا في تفريج ما نزل به { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا } فكشفنا ضره وأزلنا مشقته ، عاد بربه كافرا ، ولمعروفه منكرا . و { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } أي : علم من اللّه ، أني له أهل ، وأني مستحق له ، لأني كريم عليه ، أو على علم مني بطرق تحصيله .

قال تعالى : { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } يبتلي اللّه به عباده ، لينظر من يشكره ممن يكفره . { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } فلذلك يعدون الفتنة منحة ، ويشتبه عليهم الخير المحض ، بما قد يكون سببا للخير أو للشر .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلۡنَٰهُ نِعۡمَةٗ مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمِۭۚ بَلۡ هِيَ فِتۡنَةٞ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (49)

قوله تعالى : { فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( 49 ) } .

ذلك هو الإنسان في ضعفه واغتراره وقلة حيلته وهوان عزمه واصطباره ؛ فإنه إذا أصابه ضُر ، أي سوء ومكروه من بؤس أو شدة أو فقر أو سقَم أو جزع ، بادر بالاستغاثة بالله داعيا إياه أن يدفع عنه ما أصابه من ضرٍّ { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا } يعني إذا بدلناه بالضُر رخاء وسعة وعافية { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } يعني إنما أعطيت هذه النعمة من الرخاء والخير والسعة والعافية على علم من الله بفضلي وبأني أهل لذلك من أجل شرفي ورضاه عني . أو بعلم علمني الله إياه . أو على علم عندي بوجوه المكاسب وتحصيل الخير .

قوله : { بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } أي ما أوتيته في الدنيا من نعمة إنما هو امتحان لك ، واختبار اختبرناك به ، أو بلاء ابتليناك به .

قوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أكثر الناس لا يعلمون أن ما خوَّلهم الله إياه من نعمة المال وزينة الحياة الدنيا ، اختبار لهم وابتلاء من الله يبلوهم به . فهم بذلك غافلون عن توحيد الله وشكره ، سادرون في الغي والجهالة موغلون في الشهوات وما في الحياة الدنيا من متاع وزينة .