تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

20

{ ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } .

المفردات :

البرق : شرارة كهربائية تظهر في الجو نتيجة احتكاك السحب وينشأ عنها الرعد .

خوفا : للمسافر من الصواعق .

وطمعا : في الغيث للمقيم .

التفسير :

ومن دلائل قدرة الله أنه يريكم البرق والرعد والمطر خوفا من عذابه وطمعا في رحمته بنزول المطر خصوصا أهل البادية الذين يحرثون الأرض ويضعون البذر ويخافون من تأخر المطر ، ويرجون نزوله ، أو خوفا للمسافرين في البر الذين يمنعهم المطر من السفر وطمعا للمقيمين في نزول المطر لإصلاح الأرض ونجاح الزراعة .

وعادة يأتي بعد البرق والرعد المطر وأحيانا يصاحب المطر هذه الظواهر الطبيعية الكونية وعند مجيء المطر ونزول الماء يتحرك النبات وتهتز الأرض بالزراعة ويحيي الله الأرض بعد موتها ، فمن استخدم عقله وفكره أدرك جوانب القدرة الإلهية التي سخرت هذا الكون وسيطرت عليه وسخرت السحاب والأمطار والرعد والبرق .

جاء في ظلال القران :

وظاهرة البرق ظاهرة ناشئة من النظام الكوني ويعللها بعضهم بأنها تنشأ من انطلاق شرارة كهربائية بين سحابتين محملتين بالكهرباء أو بين سحابة وجسم أرضي كقمة جبل مثلا ينشأ عنه تفريغ في الهواء يتمثل في الرعد الذي يعقب البرق وفي الغالب يصاحب هذا وذاك تساقط المطر نتيجة لذلك التصادم وأيا ما كان السبب فالبرق ظاهرة ناشئة عن نظام هذا الكون كما خلقه الباري وقدره تقديرا ، ا ه .

والقرآن الكريم يتخذ مكن الظواهر الكونية وسيلة لوصل القلوب بالله ، فإذا كان الكون خليقة حية متعاطفة متجاوبة مطيعة لربها خاضعة خاشعة ، فالإنسان الذي يدب هذا الكوكب الأرضي واحد من خلائق الله ينبغي أن يتفق مع هذا الكون في طاعته وامتثاله لأمر الله .

ومن استخدم عقله وفكره وتدبر وتأمل في خلق الله أدرك أن وراء هذه الصنعة البديعة يدا حانية تحفظها وتمسكها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

أي : ومن آياته أن ينزل عليكم المطر الذي تحيا به البلاد والعباد ويريكم قبل نزوله مقدماته من الرعد والبرق الذي يُخَاف ويُطْمَع فيه .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ } [ دالة ] على عموم إحسانه وسعة علمه وكمال إتقانه ، وعظيم حكمته وأنه يحيي الموتى كما أحيا الأرض بعد موتها .

{ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي : لهم عقول تعقل بها ما تسمعه وتراه وتحفظه ، وتستدل به عل ما جعل دليلا عليه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

قوله تعالى : { ومن آياته يريكم البرق خوفاً } للمسافر من الصواعق ، { وطمعاً } للمقيم في المطر . { وينزل من السماء ماءً فيحيي به } يعني بالمطر ، { الأرض بعد موتها } أي : بعد يبسها وجدوبتها . { إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون* }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

ولما ختم بالسمع آية جمعت آيات الأنفس والآفاق لكونها نشأت من أحوال البشر والخافقين ، افتتح{[52891]} بالرؤية آية أخرى جامعة لهما لكونها ناشئة عنهما مع كونها{[52892]} أدل على المقصود جامعة بين{[52893]} {[52894]}الترغيب والترهيب{[52895]} فقال : { ومن آياته } ولما كان لمعان البرق جديراً بالتماع البصر عند{[52896]} أول رؤية ، وكان يتجدد في حين دون حين ، عبر بالمضارع حاذفاً الدال على إرادة المصدر للدلالة على {[52897]}التجدد المعجب{[52898]} منه فقال : { يريكم البرق } أي على هيئات وكيفيات طالما شاهدتموها تارة تأتي بما يضر وتارة بما يسر ، ولذلك قال معبراً بغاية الإخافة{[52899]} والإطماع لأن الغايات هي المقصودة بالذات : { خوفاً } أي للإخافة من الصواعق المحرقة { وطمعاً } أي وللاطماع في المياه الغدقة ، وعبر بالطمع لعدم الأسباب الموصلة إليه .

ولما كان البرق غالباً من المبشرات بالمطر ، وكان ما ينشأ عن{[52900]} الماء أدل شيء على البعث ، أتبعه شرح ما أشار إليه به من الطمع{[52901]} فقال : { وينزّل } ولما كان إمساك الماء في جهة العلو في غاية الغرابة ، قال محققاً للمراد بالإنزال من الموضع الذي لا يمكن لأحد غيره دعواه { من السماء ماء } .

ولما جعل سبحانه ذلك سبباً لتعقب الحياة قال : { فيحيي به } أي الماء النازل من {[52902]}السماء خاصة لأن أكثر الأرض لا تسقى بغيره{[52903]} { الأرض } أي بالنبات الذي هو لها كالروح لجسد الإنسان ، ولما كانت الأرض ليس لها من ذاتها في الإنبات إلا العدم ، وكان إحياؤها به متكرراً ، فكان كأنه دائم ، وكان ذلك أنسب لمقصود السورة{[52904]} حذف الجار قائلاً : { بعد موتها } أي بيبسه وتهشمه { إن في ذلك } أي{[52905]} الأمر العظيم العالي القدر { لآيات } لا سيما على القدرة على البعث . ولما كان ذلك ظاهراً كونه من الله الفاعل بالاختيار لوقوعه في سحاب دون سحاب وفي وقت دون آخر وفي بلد دون آخر ، وعلى هيئات من القوة والضعف والبرد والحر وغير ذلك من الأمر ، وكان من الوضوح في الدلالة على البعث بمكان لا يخفى على عاقل قال : { لقوم يعقلون* }{[52906]} .


[52891]:سقط من ظ.
[52892]:زيد من ظ ومد.
[52893]:من ظ ومد، وفي الأصل: من.
[52894]:في ظ ومد: الترهيب والترغيب.
[52895]:في ظ ومد: الترهيب والترغيب.
[52896]:زيد من ظ ومد.
[52897]:في ظ: التعجب.
[52898]:في ظ: التعجب.
[52899]:من ظ ومد، وفي الأصل: الإضافة.
[52900]:من ظ ومد، وفي الأصل: على.
[52901]:من ظ ومد، وفي الأصل: المطمع.
[52902]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52903]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[52904]:زيد من ظ ومد.
[52905]:زيد من ظ ومد.
[52906]:في ظ ومد: يتفكرون.