تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

{ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }

المفردات :

هداها : رشدها وتوفيقها إلى الإيمان .

حق القول مني : ثبت قضائي وسبق .

الجنة : الجن .

التفسير :

لو شاء الله لمنح كل نفس تقواها وإيمانها لكنه ميز الإنسان بالعقل والإرادة والاختيار وهداه النجدين وبين له الطريقين وأرسل له الرسل وأنزل الكتب وبين له أدلة الإيمان في هذا الكون ومخلوقاته وحركات الليل والنهار والنوم واليقظة وشروق الشمس وطلوع القمر وارتفاع السماء وانبساط الأرض وخلق البر والبحر والهواء والفضاء والنبات والرياح وسائر المخلوقات كل هذه أدلة تأخذ بيد الإنسان إلى الإيمان والهداية عن تبصر وتفكر .

لكن الكافر أو الفجر يرفض استخدام عقله وفكره ولبه ويقاوم سبل الهداية ويصر على الكفر والفجور والكنود وقد أقسم الحق سبحانه أن يملأ جهنم بالعصا ة واتباع إبليس كما ان المؤمنين أهل لطاعة الله في الدنيا ودخول جنته في الآخرة .

جاء في تفسير القاسمي ما يأتي :

{ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها . . . } أي : تقواها .

{ ولكن حق القول مني . . . . } أي : في القضاء السابق .

{ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } أي سبق القول حيث قال تعالى لإبليس عند قوله : ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ( الحجر : 39-40 ) فرد عليه سبحانه قال : فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين . ( ص : 84-85 ) .

أي فبموجب ذلك القول لم يشأ إعطاء الهدى على العموم بل معناه عن أتباع إبليس الذين هؤلاء من جملتهم حيث صرفوا اختيارهم إلى الغي والفساد ومشيئته تعالى لأفعال العباد منوطة باختيارهم إياها فلما لم يختاروا الهدى ، واختاروا الضلالة لم يشأ إعطاء الهدى لهم وإنما آتاه الذين اختاروه من النفوس البارة فيكون مناط عدم مشيئة إعطاء الهدى في الحقيقة سوء اختيارهم لا تحقق القول أفاده أبو السعود . vii

وفي تخصيص الجن والإنس في قوله تعالى : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين . إشارة إلى أن الله عصم ملائكته من عمل يستوجبون به جهنم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

وكل هذا بقضاء اللّه وقدره ، حيث خلى بينهم وبين الكفر والمعاصي ، فلهذا قال : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } أي : لهدينا الناس كلهم ، وجمعناهم على الهدى ، فمشيئتنا صالحة لذلك ، ولكن الحكمة ، تأبى أن يكونوا كلهم على الهدى ، ولهذا قال : { وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي } أي : وجب ، وثبت ثبوتًا لا تغير فيه .

{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } فهذا الوعد ، لا بد منه ، ولا محيد عنه ، فلا بد من تقرير أسبابه من الكفر والمعاصي .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

قوله تعالى : { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } رشدها وتوفيقها للإيمان ، { ولكن حق } وجب ، { القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } وهو قوله لإبليس : { لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

ولما كان ربما وقع في وهم أن ضلالهم مع الإمعان في البيان ، لعجز عن هدايتهم أو توان ، قال{[54735]} عاطفاً على{[54736]} ما تقديره : إني{[54737]} لا أردكم لأني لم أضلكم في الدنيا للعجز عن هدايتكم فيها ، بل لأني لم أرد إسعادكم ، ولو شئت لهديتكم ، صارفاً القول إلى مظهر العظمة لاقتضاء المقام لها{[54738]} : { ولو شئنا } أي بما لنا من العظمة التي تأبى أن يكون لغيرنا شيء يستقل به {[54739]}أو يكون{[54740]} في ملكنا ما لا نريد { لأتينا كل نفس } أي مكلفة لأن الكلام فيها { هداها } أي جعلنا هدايتها ورشدها وتوفيقها للإيمان وجميع ما يتبعه من صالح الأعمال في يدها متمكنة منها .

ولما استوفى الأمر حده من العظمة ، لفت الكلام إلى الإفراد ، دفعاً للتعنت وتحقيقاً لأن المراد بالأول العظمة فقال : { ولكن } أي لم أشأ ذلك لأنه { حق القول مني } وأنا من{[54741]} لا يخلف الميعاد ، لأن الإخلاف إما لعجز أو نسيان أو حاجة ولا شيء من ذلك يليق بجنابي ، أو يحل بساحتي ، وأكد لأجل إنكارهم فقال مقسماً : { لأملان جهنم } التي هي محل إهانتي وتجهم أعدائي بما تجهموا أوليائي { من الجنة } أي الجن طائفة إبليس ، وكأنه أنثهم{[54742]} تحقيراً لهم عند من يستعظم أمرهم لما دعا{[54743]} إلى تحقيرهم من مقام الغضب{[54744]} وبدأ بهم لاستعظامهم لهم{[54745]} ولأنهم الذين أضلوهم { والناس أجمعين * } حيث قلت لإبليس :{ لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين }[ ص : 85 ] فلذلك شئت كفر الكافر وعصيان العاصي بعد أن جعلت لهم اختياراً ، وغيبت العاقبة عنهم ، فصار الكسب ينسب إليهم{[54746]} ظاهراً ، والخلق في الحقيقة والمشيئة لي{[54747]} .


[54735]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فقال.
[54736]:زيد من ظ وم ومد.
[54737]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لأني.
[54738]:زيد من ظ وم ومد.
[54739]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54740]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54741]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ممن.
[54742]:في الأصل بياض، ملأناه من ظ وم ومد.
[54743]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: دعاهم.
[54744]:سقط من ظ ومد.
[54745]:في م: إياهم.
[54746]:سقط من ظ.
[54747]:سقط من ظ ومد.