تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

{ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون . }

التفسير :

ولو ترى يا محمد والخطاب له والمراد أمته أو كل من يتأتى منه الرؤية من المخاطبين والقرآن هنا يعرض مشهدا من مشاهد القيامة حاضرا حيث يشاهد هؤلاء المجرمون المكذبون بالبعث وقد حشروا يوم القيامة يعلوهم الخزي والخجل حيث طأطأوا رؤوسهم عند حساب ربهم وملكوته وتصرفه وقد تبينوا الحقيقة وأيقنوا بصدق الرسل وقالوا : يا ربنا أبصرنا بأعيننا حقيقة البعث والجزاء و سمعنا بآذاننا تصديقك للرسل فيما أرسلوا به وأيقنا بصدق البعث والحساب والجزاء فارجعنا إلى الدنيا مرة أخرى لنعمل عملا صالحا بعد هذا اليقين والتأكد من صدق البعث والجزاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

{ 12 - 14 } { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

لما ذكر تعالى رجوعهم إليه يوم القيامة ، ذكر حالهم في مقامهم بين [ يديه ]{[681]}  فقال : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ } الذين أصروا على الذنوب العظيمة ، { نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } خاشعين خاضعين أذلاء ، مقرين بجرمهم ، سائلين الرجعة قائلين : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } أي : بأن لنا الأمر ، ورأيناه عيانًا ، فصار عين يقين .

{ فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } أي : صار عندنا الآن ، يقين بما [ كنا ]{[682]}  نكذب به ، أي : لرأيت أمرا فظيعًا ، وحالاً مزعجة ، وأقوامًا خاسرين ، وسؤلًا غير مجاب ، لأنه قد مضى وقت الإمهال .


[681]:- زيادة من: ب.
[682]:- زيادة من: ب
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

قوله تعالى : " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم " ابتداء وخبر . قال الزجاج : والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته . والمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب . ومذهب أبي العباس غير هذا ، وأن يكون المعنى : يا محمد ، قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك . " ناكسوا رؤوسهم " أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم . " عند ربهم " أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم . " ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون " " ربنا " أي يقولون ربنا . " أبصرنا " أي أبصرنا ما كنا نكذب . " وسمعنا " ما كنا ننكر . وقيل : " أبصرنا " صدق وعيدك . " وسمعنا " تصديق رسلك . أبصروا حين لا ينفعهم البصر ، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع . " فأرجعنا " أي إلى الدنيا . " نعمل صالحا إنا موقنون " أي مصدقون بالبعث . قاله النقاش . وقيل : مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق . قاله يحيى بن سلام . قال سفيان الثوري : فأكذبهم الله تعالى : فقال : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " {[12661]} . وقيل : معنى " إنا موقنون " أي قد زالت عنا الشكوك الآن ، وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا ، ولكن لم يكونوا يتدبرون ، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع ، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا . وقيل : أي ربنا لك الحجة ، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا ، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا . فهذا اعتراف منهم ، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا .


[12661]:راجع ج 6 ص 409 فما بعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

ولما تقرر دليل البعث بما لا خفاء فيه ولا لبس ، شرع يقص{[54711]} بعض أحوالهم عند ذلك ، فقال عادلاً عن خطابهم استهانة بهم{[54712]} وإيذاناً بالغضب ، وخطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم تسلية له ، أو لكل من يصح خطابه ، عاطفاً على ما تقديره : فلو رأيتهم وقد بعثرت القبور ، وحصل ما في الصدور ، وهناك{[54713]} أمور أيّ أمور ، موقعاً {[54714]}المضارع في حيز{[54715]} ما من شأنه الدخول على الماضي ، لأنه لتحقق{[54716]} وقوعه كأنه قد كان ، واختير التعبير به لترويح النفس بترقب رؤيته حال{[54717]} سماعه ، تعجيلاً للسرور بترقب المحذور لأهل الشرور : { ولو ترى } أي تكون أيها الرائي من أهل الرؤية لترى حال المجرمين { إذ المجرمون } أي القاطعون لما أمر الله به أن يوصل بعد{[54718]} أن وقفوا بين يدي ربهم { ناكسوا رؤوسهم } أي مطأطئوها{[54719]} خجلاً وخوفاً وخزياً{[54720]} وذلاً {[54721]}في محل المناقشة{[54722]} { عند ربهم } المحسن إليهم المتوحد بتدبيرهم ، قائلين بغاية الذل والرقة : { ربنا } أي أيها المحسن إلينا { أبصرنا } ما كنا نكذب به { وسمعنا } أي{[54723]} منك ومن ملائكتك ومن أصوات النيران وغير ذلك ما كنا نستبعده ، فصرنا على غاية العلم{[54724]} بتمام قدرتك وصدق وعودك{[54725]} { فارجعنا } بما لك من هذه الصفة المقتضية للإحسان ، إلى دار الأعمال { نعمل صالحاً } ثم حققوا هذا الوعد بقولهم على سبيل التعليل مؤكدين لأن حالهم كان حال الشاك الذي يتوقف المخاطب في إيقانه : { إنا موقنون * } أي ثابت الآن{[54726]} لنا الإيقان{[54727]} بجميع ما أخبرنا به عنك مما كشف عنه العيان ، أي لو رأيت{[54728]} ذلك لرأيت أمراً لا يحتمله من هوله و{[54729]}عظمه عقل{[54730]} ، ولا يحيط به وصف .

ولما لم يذكر لهم جواباً{[54731]} ، علم أنه لهوانهم ، لأنه ما جرأهم على{[54732]} العصيان إلا صفة الإحسان ، فلا يصلح لهم إلا الخزي والهوان ، ولأن{[54733]} الإيمان لا يصح إلا بالغيب{[54734]} قبل العيان .


[54711]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: في.
[54712]:زيد من ظ وم ومد.
[54713]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هال.
[54714]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للمضارع مع خبر.
[54715]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للمضارع مع خبر.
[54716]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تحقق.
[54717]:من م ومد، وفي الأصل: بحال من، وفي ظ: حال من.
[54718]:في ظ: بل.
[54719]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مطاطيون.
[54720]:من م ومد، وفي الأصل وظ: حزنا.
[54721]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[54722]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[54723]:سقط من ظ.
[54724]:زيد في الأصل: بها، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54725]:في ظ: وعدك.
[54726]:زيد من ظ وم ومد.
[54727]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الإيمان.
[54728]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: رأيته.
[54729]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عقله.
[54730]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عقله.
[54731]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جواب.
[54732]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إلى.
[54733]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا.
[54734]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بالمغيب.