تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (51)

المفردات :

كتب الله : أثبت في علمه أو في اللوح المحفوظ .

مولانا : متولي أمورنا .

التفسير :

51 – { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } .

هذه الآية رد على هؤلاء الشامتين الشانئين وتوجيه وتعليم للمسلمين بالصبر على البأساء والرضا بأسباب القضاء .

أي : قل لهم يا محمد : لن يصيبنا أبدا إلا ما كتب وخط في اللوح المحفوظ ؛ فنحن تحت مشيئته وقدره ، { هو مولانا } . أي : ناصرنا ومتولي أمورنا ، ونتولاه ونلجأ إليه في كل أحوالنا ، وعلى الله وحده { فليتوكل المؤمنون } ، وهو حسبنا ، ونعم الوكيل .

والآية أساس في صدق اليقين ، والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره ، حلوه ومره . واللجوء إلى الله في الشدة والرخاء ، والاعتماد عليه في العسر واليسر ، والمنشط والمكره مع اتخاذ ما يجب من أسباب النصر المادية والمعنوية ، كإعداد العدة اللازمة ، وتوقى المنازعات التي تؤدى إلى الفشل وتفرق الكلمة .

والتوكل : تفويض الأمر إلى الله ، بعد اتخاذ الأسباب المطلوبة عادة .

وقد وردت آيات كثيرة ، وأحاديث نبوية صحيحة تحث المؤمنين على الصبر على المصائب ، والرضا بالقضاء والقدر ، والثبات في الشدائد ، والانتصار على الحزن والهم والغم .

فالحياة دائرة بين العسر واليسر ، والشدة والفرج . والمؤمن واثق بأن الله قد قدر أزلا رزقه وعمره وأجله ، وسعادته أو شقاوته ؛ وبهذا لا يحزن على مفقود ولا يكثر الفرح بموجود ، بل هو هادئ رزين إن أصابته نعماء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له .

قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير } . ( الحديد : 22 ) .

وفي معنى هذه الآية وردت طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة بعضها في صحيح البخاري ، وبعضها في كتب السنة المطهرة ومن هذه الأحاديث ما يأتي :

1 – " ما يصيب المؤمن من هم ولا حزن ولا تعب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها ؛ إلا كفر الله بها من خطاياه " 87 .

2 – " ما يزال البلاء يصيب المؤمن حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة " 88 .

3 – " أشدكم بلاء الأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم الأمثل ، فالأمثل ، يبتلي الرجل على حسب دينه " 89 .

4 – " استعن بالله ولا تعجز ولا تقل : لو أنى فعلت كذا لكان كذا بل فلتقل : قدر الله وما شاء فعل " 90 .

5 – " ما من عبد يبتلى بمصيبة فيقول : اللهم اؤجرني في مصيبتي وعوضني خيرا منها إلا عوضه الله خيرا مما فقده " 91 .

6 – " من علامة الإيمان ، الشكر على النعماء ، والصبر على البأساء ، والرضاء بالقضاء " 92 .

7 – " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته نعماء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " 93 .