السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مُهۡطِعِينَ مُقۡنِعِي رُءُوسِهِمۡ لَا يَرۡتَدُّ إِلَيۡهِمۡ طَرۡفُهُمۡۖ وَأَفۡـِٔدَتُهُمۡ هَوَآءٞ} (43)

الصفة الثانية : قوله تعالى : { مهطعين } ، أي : مسرعين إلى الداعي أو مقبلين بأبصارهم لا يطرقون هيبة وخوفاً . وقيل : المهطع الخاضع الذليل الساكن .

الصفة الثالثة : قوله تعالى : { مقنعي رؤوسهم } ، أي : رافعيها إذ الإقناع : رفع الرأس إلى فوق ، فأهل الموقف من صفتهم أنهم رافعو رؤوسهم إلى السماء ، وهذا بخلاف المعتاد ؛ لأنّ من يتوقع البلاء يطرق بصره إلى الأرض . وقال الحسن : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد .

الصفة الرابعة : قوله تعالى : { لا يرتدّ إليهم طرفهم } ، أي : بل تثبت عيونهم شاخصة لا يطرفون بعيونهم ، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان قد شغلهم ما بين أيديهم .

الصفة الخامسة : قوله تعالى : { وأفئدتهم } ، أي : قلوبهم { هواء } ، أي : خالية من العقل لفرط الحيرة والدهشة . وقال قتادة : خرجت قلوبهم عن صدورهم ، فصارت في حناجرهم ، فلا تخرج من أفواههم ولا تعود إلى أماكنها .

تنبيه : اختلفوا في وقت حصول هذه الصفات ، فقيل : إنها عند المحاسبة بدليل أنه تعالى إنما ذكر هذه الصفات عقب وصف ذلك بأنه يقوم الحساب ، وقيل : إنها تحصل عندما يتميز فريق عن فريق ، فالسعداء يذهبون إلى الجنة والأشقياء إلى النار . وقيل : يحصل عند إجابة الداعي والقيام من القبور . قال الرازي : والأوّل أولى .